والخلاف هنا كالخلاف في العطف على موضع اسم (أنَّ) وقد تقدم الكلام في ذلك. وجمعُيه نُزوع إلى مذهب البغداديين الذين يُجيزون العطف على التوهم بإطلاق، لكن قد يَقِلُّ في موضع، ويكثُر في موضع. وهذا الباب مما كَثُر فيه ذلك، أعني اعتبارَ المرادفِ الأصلي، ولذلك وافقهم البصريون عليه الجُمْلة، وإن اختلفوا في التأويل.
ثم هنا مسألتان:
إحداهما: أن هذا الكلام مُخْتَصُّ بما إذا كان اسم / الفاعل عاملاً، لا مطلقاً، لأن ٤٦٠ الذي لا يَعمل إذا اجَرَّ مجرورُه في موضع نصب، إذ فرضناه غيرَ طالب بنصب، كما أن مجرور (صاحب) ونحوهْ، مما استُعمل استعمال الأسماء ليس في موضع نصب، ولا يُعطف على موضعه نصبُ، وإذا كان كذلك لم يدَخل في كلامه مجرورُ اسم للماضي؛ فإن العرب لا تَعطف على موضع ما لا موضع له، إذ لا تقول: هذا صاحبُ زيدٍ وعمراً، فكذلك ما هو بمنزلته. فإن جاء ما ظهرُه ذلك فعلى إضمار فعل.
فقد أجاز النحويون: هذا ضاربُ زيدٍ أمس وعمراً، على معنى: ضَربَ عمراً، لا على الموضع. ومنه قوله تعالى: {وجَاعِلُ اللَّيْلِ سَكَناً والشَّمْسَ والْقَمَر حُسْبَاناً (١)} ولا يكون هذا من الحمل على الموضع إلا على القول بإعمال الذي بمعنى الماضي. وقد منعه الناظم.
(١) سورة الأنعام/ آية ٩٦. وسبق أن القراءة باسم الفاعل هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر. وانظر: السبعة لابن مجاهد ٢٦٣.