للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا غير صحيح، فإن المبنىَّ لتضُّمن معنى الحرف إنَّما هو القائمُ مقامَه، أداةٌ مثلُه، وذلك (ما) لا غيرُها. وأمَّا التَّفرقة بين المعاني فلا يُزيل الإعرابَ عن وَجهه.

وأيضاً فهو مبنىٌّ على أن (أفْعَلَ) أصُله الرَّفع، وهو مضاف إلى ما بعده، ولو كان كذلك لم يَحْسن الفصلُ بينهما، فلا يقال: (ما أحسنَ بالرجل أن يَصْدُق) في فصيح الكلام؛ لأنه في تقدير: (ما أحسنُ) (١) بالرجل الصِّدْقِ. والفصل بين المضاف والمضاف إليه لا يجوز إلا في الشَّعر، أو في نادر لا يُعْتَدُّ بالقياس فيه (٢). وهذا ليس كذلك، فَدلَّ على أنه ليس منه، فما زَعَموه دَعْوى، وأَقْوَى احتجاجاتهم تصغيرُه قياساً، وتصحيحُه كذلك، فإنك تقول: ما أَقْوَمَه، وما أَبْيَن معنى كذا، وهذا لا يكون إلا في الأسماء. وأما الأفعال فيجب فيها الإعلال حسبما يأتي في التصريف (٣).

وأيضاً فإنهم يقولون: ما أُحَيْسِنَ زيداً، ومَا أُمَيْلِحَ عَمْراً، وأنشدوا (٤):

يَامَا أُمَيْلِح غْزِلاَناً شَدَنَّ لَنَا

مِنْ هَؤُلِيَّاًئِكُنَّ الضَّالِ والَّسمُرِ


(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل و (ت) وأثبته من (س) وحاشية الأصل.
(٢) على حاشية الأصل ((لا يقاس عليه)) وهو إما من نسخة أخرى، أو تفسير.
(٣) اي من إعلال الأفعال الجوفاء التي على زنة (أَفْعَلَ) مثل: اقام، وابات.
(٤) أمالي ابن الشجري ٢/ ١٣٠، ١٣٢، ١٣٥، والإنصاف ١٢٧، وابن يعيش ١/ ٦١، ٣/ ١٣٤، ٥/ ١٣٥، ٧/ ١٤٣ وشرح الرضي على الكافية ١/ ٤٩، ٤/ ٢٣٠، والخزانة ١/ ٩٣، والهمع ١/ ٢٦١، ٢٦٣، ٥/ ٥٤، والعيني ١/ ٤١٦، ٣/ ٤٦٣ واللسان (ملح، شدن). وينسب البيت للعرجي تارة، ولمجنون ليلى تارة، ولذى الرمة تارة أخرى. وأميلح: تصغير (أملح) من الملاحة، وهي البهجة وحسن المنظر. ويقال: شدن الظبي شدونا، إذا قوى وطلع قرناه واستغنى عن أمه. وهؤليَّاء: تصغير (هؤلاء) على غير قياس. والضال: السدر البري. والسَّمُر: شجر الطلح، وهو شجر عظام، واحدة سَمرُة.

<<  <  ج: ص:  >  >>