للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* بآيَةِ تُقْدِمُونَ الخَيْلَ شُعْثاً *

فكذلك عاملوه ههنا معاملتَة، فصَغَّروا الفعَل والمراد المصدر.

وعَلَّل ذلك سيبويه بأنهم أرادوا تصغيرَ الموصوف بالملاَحة، كأنك قلت: مُلَيِّحٌ، لكنهم عدلوا عن ذلك، وهم يَعنون الأول. ومن عادتهم أن يَلْفِظُوا بالشِيء وهم يريدون شيئاً آخر، كما قالوا: بنو فلان يَطَؤُهم الطَّرِيقُ، وصِيَد عليه يَوْمَان. ونحوه كثير (١).

والحاصل أنهم يُقِروُّن بالتصغير، ولا يُقِروُّن بما يلزمه من الاسمية، وإنما لم يُقِروُّا بذلك لمعارِض ثبوتِ الفعليَّة، فاحتاجوا إلى الاعتذار عنه.

وأمَّا حُكْم (ما) فالدَّليلُ على اسَميتَّها أنه إذا ثَبت كونُ (أَفْعَلَ) فِعلاً اقتضَى أَنْ لابد له من فاعل، وليس ثَمَّ مرفوع ظاهر، فلابد من إضماره في الفعل عائداً على (ما) إذ لا غيرُها (٢)، فمدلولُ (ما) فثَبت أنها اسم، ثم كونُها استفهاميَّةً، أو نكرةً بمعنى (شَيءْ) أو موصولةً، مسكوتٌ عنه (عنده) (٣)، وذلك لا يَقدح في فهم التعجُّب، مع أنه قد قيل بكلِّ واحد من تلك الاحتمالات، فكأنَّه تَرك التعبيرَ فلم يَنص على اختيارٍ فيها، لأن جميعها راجع في التَّقريب


= والآية: العلامة، والشَّعث: جمع أشعث وشعثاء، يقال: شَعِث الشَّعْر، شَعَثا وشُعوثة إذا تغير وتلبَّد. وشعِث راسهُ وبدنه، إذا اتسخ. والَّنابك: جمع سُنْبك، وهو مقدَّم الحافر. والمُدام: الخمر.
(١) الكتاب ٣/ ٤٧٧، ٤٧٨ بتصرف. وقال السيرافي تعليقاً على العبارتين ما ملخصه: يريدون: يطؤهم أهل الطريق الذي يمرون فيه، فحذف (أهلا) وأقام (الطريق) مقامهم. ومعنى (يطؤهم الطريق) أن بيوتهم على الطريق، فمن جاز فيه رآهم، وقوله: (صيد عليه يومان) معناه: صيد عليه الصيد في يومين، فحذف الصيد، وأقام اليومين مقامه.
(٢) اي لا يوجد قبل فعل التعجب اسم يعود عليه الضمير المستتر فيه غير كلمة (ما).
(٣) ما بين القوسين ساقط من (ت).

<<  <  ج: ص:  >  >>