للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتلَّ العَبْدي (١) للجواز بأن النكرة قد تدل على الجنس، كما يدل عليه ما فيه الألف واللام، وأنها قد تؤدِّي في بعض المواضع من المعنى ما تُؤَدِّيه المعرفة الجِنْسية، كقول حَسَّان رضي الله عنه (٢):

كَأَنَّ سَبِيئَةً منَ بْيتٍ رَأْسٍ

يكونُ مِزَاجَها عَسَلٌ ومَاءُ

وهذا كله نادر لا يُعتمد على مثله في السماع. وما ذُكر من وجه القياس يَنْتقَض بما لو كانت النكرة غير مضافة، وهما لا يقولان بذلك، إذ خَصَّا الجوازَ بالنكرة المضافة.

ومن ذلك اسمُ الإشارة نحو: نعْمَ ذا أدبُك، على معنى: نعم الأدبُ أدبُك، فقد أجاز بعضهم في قول الشاعر، أنشده ابن السكيت وغيره (٣):

لَمْ يَمْنَع الِنَّاسُ مِنِّي ما أَرَدْتُ ومَا

أُعْطِيهمُ ما أَرادُوا حُسْنَ ذَا أَدَبَا

ب أن يكون ((ذا)) فاعلاً بـ (حَسُنَ) وهو من (فَعُلَ) الملحق بهذا الباب. وحكمُ


(١) هو أبو طالب أحمد بن بكر بن أحمد بن بقية العبدي، أحد أئمة النحاة المشهورين، قرأ على السيرافي والرماني والفارسي. وله: شرح الإيضاح للفارسي، وشرح كتاب الجرمي (ت ٤٠٦ هـ). بغية الوعاة ١/ ٢٩٨.
(٢) ديوانه ٣، وسيبويه ١/ ٤٩، والمقتضب ٤/ ٩٢، وابن يعيش ٧/ ٩١، ٩٣، والمغني ٤٦٣، ٦٩٥، وشرح الكافية ٤/ ١٩٣، والخزانة ٩/ ٢٢٤، واللسان (سبأ) والسبيئة: الخمر. وبيت رأس: موضع بالشام. وخبر (كأن) في البيت الذي بعده، وهو قوله:
على أنيابها أو طعمُ غَضٍّ من التفاح هَصَّره اجتناءُ
(٣) إصلاح المنطق ٤١، والخصائص ٣/ ٤٠، وشرح الرضي على الكافية ٤/ ٢٥٧، والخزانة ٩/ ٤٣١، واللسان (حسن) والأصمعيات ٥٦. يريد أنه يقهر الناس فلا يمنعونه ما يريد منهم، وهو لعزته يمنع ما يريدونه منه. وقد استحسن الشاعر هذا الخلق، وجعله أدباً حسنا. وقال قوم: إنه ينكر على نفسه هذا العمل لأن العرب لا تفتخر بمثل هذا الخلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>