للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك خلاف القياس.

وأيضاً ففيه عدمُ النَّظير، وهو تركيب فعل واسم، إذ لا يوجد في كلام العرب مثله، فظهر أن الأمر ليس كما زعم ذلك القائل.

وأما الرابع (١) فدعوى أيضاً مجرَّدة. والذي استدل به قائلُه قولُه:

* فَحَبَّذَا رَباًّ وحَبَّ دِينَا *

وهو ظاهر فيما تقدَّم، لا فيما قال هذا القائل. هذا مقدارُ ما يُتَأَنَّس به في هذا الموضع. وقد قَيَّد شيخنا الأستاذ أبو عبدالله بن الفخار رحمة الله عليه (٢) في هذه المسألة/ جزءا ... ٥٦١ رويناه عنه، وقَيَّدناه من خطه، ناظر فيه ابنَ مالك في احتجاجاته، لا حاجة إلى إيراده هنا.

ثم قال: ((الفاعلُ ذَا)) يعني أن باب (حَبَّذَا) خالفَ بابَ (نعم) في أن فاعل (حَبَّ) لا يكون إلا لفظ (ذا) الذي هو إشارة إلى الواحد المذكَّر القريب، بخلاف (نعم) فإن فاعلها يكون أحدَ ثلاثة أشياء كما تقدَّم.

واقتضى هذا الإلزامُ أن لفظ (ذا) لا يَختلف بحسب التثنية والجمع والتأنيث، بل تقول: حَبَّذَا زيدٌ، وحبذا الزيدان، وحبذا الزيدون، وحبذا هند، وحبذا الهندان، وحبذا الهندات. ومن ذلك قول جرير (٣):


(١) يعني الرأي الذي يقول: إن (حب) فعل، فاعله المخصوص، و (ذا) صلة زائدة.
(٢) تقدمت ترجمته.
(٣) ديوانه ٥٩٥، وابن يعيش ٧/ ١٤٠، والمغني ٥٥٨، والهمع ٥/ ٤٥، و ٤٧، والدرر ٢/ ١١٥، واللسان (حبب) والبيتان من قصيدة لجرير يهجو بها الأخطل. والريان: جبل عظيم ببلاد طئ. والنفحة هنا: الطيب الذي ترتاح له النفس. واليمانية: نسبة إلى اليمن. وقبل: جهة أو ناحية.

<<  <  ج: ص:  >  >>