للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكأن هذا من قيبل قوله (١):

* إذا الوحش ضم الوحش في ظللاتها*

وهو قليل، فلذلك لم يعول الناظم عليه، أو يكون مما التزمت العرب فيه الضمير، كما التزمت الإضافة أيضاً. وفي هذا البحث وما قبله في المعنى الأول بحث.

فإن قلت: أتى الناظم بهذه الألفاظ مرسلةً إرسالاً، فلم يخص منها لفظاً بمفردٍ دون مثنى أو مجموع، فاقتضى بإطلاقه أنها تستعمل في الجميع، وذلك غير صحيح، فإن "كُلاًّ، وجميعا" لا يدخلان في توكيد المثنى، و"كِلا، وكلتا" لا يؤكدان غير المثنى.

فالجواب أن هذا كله سيأتي بيانه ووجه الاعتراض فيه عند قوله: "واغْنَ بكلتا في مثنَّى وكلا" إن شاء الله تعالى. ثم قال:

واستعلموا أيضاً ككلٍّ فاعلهْ

من عم في التوكيد مثل النافلهْ

يعنى أن العرب استعملت في ألفاظ التوكيد وزن (فاعلة) مبنياً من لفظ (عمَّ) فأكدّوا به. و (فاعلة) من (عمَّ) تقول فيه: عامِّة.

ولما قال: "ككلٍّ" دل على أنه لابد فيه من الإضافة إلى الضمير، فتقول قام القوم عامتهم، وقامت الهندات عامَّتُهنَّ، وكذلك في الإفراد نحو: أكلت الخبزَ عامَّتَه، وشبه ذلك.

وقوله: "مثل النافلة" أراد به أنهم استعملوا وزن (فاعلة) من (عمَّ) مثلَ


(١) هو النابغة الجعدي، وعجزه: * سواقط من حر وقد كان أظهرا *
وهو من شواهد سيبويه ١/ ٦٣، واللسان (سقط). يصف سيره في الهاجرة في الوقت الذي تستكن فيه الوحش من الحر. والظلات: جمع ظله وهو ما يستظل به. وسواقط الحر: ما يسقط منه. وأظهر: دخل في وقت الظهيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>