والأصل في العامل ألاَّ يعمل حتى يَختص، فأَنْتج هذا النظرُ غيرَ ما نَقله الأستاذ - رحمه الله - ولا يلزم من ذلك مخالفةُ السماع، ولا إبطالُ القياس، لأن «كى» بهذا الاعتبار لفظٌ مشترَك لموضعين، ولا يُنكر مثل هذا.
وقد يُجاب عن السؤال أيضا على مذهب الجماعة ومذهبه في «التَّسْهيل» وغيره أنَّ ما أتى به هنا صحيح، لأنه إنما أتى بـ «كَىْ» الناصبة وحدها، ولم يتعرض للجارة.
والدليل على هذا من كلامه أنه ذكر الجارَّة في حروف الجر، وجعلها منها إذ قال:«مُذْ مُنْذُ رُبَّ اللاَّمُ كَىْ وَاوٌ وتَا» فاتى هناك بها حرفَ جر، ومُحال أن يريد أن الجارةَّ هناك هى الناصبة هنا، فلابد من مُبَاينة إحداهما للأخرى، فَتثَبَّت القسمان من كلامه، غلا أنه يبقى نظرٌ آخر. وهو أنه لم يَذكر في الجارةَّ ماهو واجبُ الذكر فيها، من كونها لا تجرُّ غلا تقديرا، فيقع بعدها الفعل مقدَّرا قبله (أنْ) ولا يقع بعدها الاسم الصريح إلا (ما) الاستفهامية.
فإطلاقُه أنَّها حرفُ جر، ولم يَذكر لها غير ذلك، يُوهم أن لها حكم سَائرِ الحروف، وليس كذلك، فالإخلال واقعٌ في عدم ذِكْر حكم مجرورها.
فلو قال مثلا إذا أخذ في ذكر ما يَنتصب على إضمار (أن):