ثم قال:«كَذَا بأنْ لاَبَعْدَ عِلْمٍ» يَعنى أنَّ (أنْ) المفتوحة حكمُها حكمُ (لَنْ) و (كَىْ) في كونها ناصبةً بنفسها، ولا خلاف في هذا، لكنه شَرط ألاَّ تكون (أنْ) بعد العِلْم، وحقيقةُ هذا الاشتراط وما ذكُر معه يُعطى في (أنْ) تقسيمًا، وهو أن (أنْ) على ثلاثة أقسام:
أحدها: إلاَّ تقع بعد عِلْم ولا ظَنٍّ، فهذه هى الناصبة للفعل، نحو: جئتُكَ أنْ تُكْرِمَنى، وأعجبنى أن تقومَ} وأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} ونحو ذلك.
ولا تقع غيرَ ناصبة إذا دخلت على المضارع إلا نادرًا، كما سيَذكره، وهو الذى ابتدأ به الناظم.
والثانى: أن تقع بعد (العِلْم) فمقتضى اشتراطه ألاَّ تقع الناصبةُ بعدَه دليلٌ على أنها بعدَ العِلْم غيرُ ناصبة للفعل وإن وقعتْ بعده، فتقول: علمتُ أنْ يَقُومُ زيدٌ وعلمتُ أنْ لا يَقُوُم/ زيدٌ، تَرفع الفعل هنا لا غيرُ، إذْ أُخْرِج (أنْ) معه عن النصب جملة، وكونُها بعد العِلْم مخففَّةً من الثقيلة هو السببُ في عدم النصب، على ما يَذكره إثْرَ هذا.
ولا يختص هذا الحكم بـ (عَلِمَ) وحدها؛ بل كلُّ ما يُعْطِى معنى العِلْم فُحكْمُه حُكْمُه، نحو: تَيَقَّنْتُ أنْ لاَ يَقُوُم زيدٌ، ورأيتُ أنْ تَخْرُجُ، وتحقَّقْتُ أنْ لا تَقُوُم، ونحو ذلك لقوله:«لاَ بَعْدَ عِلْمٍ» فعَمَّ أفعالَ العِلْم.
والثالث: أن تقع بعد (الظنِّ) نحو: ظَنَنْتُ، وحَسِبْتُ، وخْلِتُ،