وهما على وجهين مختلفين، أما النصب بعدها فلجريانها على بابها، من عدم التحقيق وثبوت التردد، فصارت كالرجاء ب (عسى) فالوضع ل (أن) الناصبة.
وأما الرفع فعلى معنى أنك أثبت ذلك في ظنك، وأدخلته مدخل العلم، وعلى إجرائه مجرى العلم صارت هنا (أن) غير ناصبة، وإلى هذين أشار بقوله:"والتي ومن بعد ظن. فانصب بها والرفع صحح" يعني أن (أن) إذا وقعت بعد الظن فالنصب هو الأكثر، والرفع صحيح جائز.
ثم أخذ في بيان وجه الرفع بعدها حيث لم تقع ناصبة فقال:"واعتقد تخفيفها من أن"
يعني أن (أن) التي لا تنصب الفعل الواقع بعدها لا ينبغي أن يعتقد أنها هي الناصبة للفعل؛ بل هي غيرها، لأن عامل النصب من شأنه ألا يتخلف عن عمله في موضع من المواضع من غير مانع، وأن يكون مختصا بما يعمل فيه، لا يدخل على غيره كسائر العوامل، فإن شأن العامل أن يكون عاملا على / الإطلاق، ومختصا بما يعمل فيه على اللزوم، إلا ما خرج عن هذا عن أصله، نحو (ما) فإنها تعمل مرة ولا تعمل أخرى، وذلك خلاف القاعدة الأصلية، والقياس المستمر؛ فلا بد أن يعتقد في (أن) هذه التي لم تعمل أنها غير الناصبة، وأنها المخففة من (أن) الناسخة للابتداء، فيقال: إنها لم تعمل] لأنها المختصة بالأسماء فلا تعمل في الأفعال. لكن قد يقول القائل: ما الحامل لكم على هذا التقدير، ولعلها (أن) الناصبة، لم