فأجاب الناظم عن هذا بأن تخفيف (أن) مطرد في كلام العرب، على أن يكون اسمها مقدر لا يبرز إلا في الضرورة، وبيان اطراده قد تقدم في باب (إن) ووقوع الفعل بعد (أن) غير الناصبة للفعل كثير مطرد أيضا، كما تقدم.
فالحق أن يحمل المطرد على المطرد، ولا يحمل على أنها (أن) الناصبة للفعل لم تعمل، فإن ذلك ليس بمطرد ولا كثير، بخلاف التخفيف من (أن) وحكمها مبين في موضعه، فلم يحتج إلى ذكره هنا، وعلى أنه كرر حكمها في "التسهيل" في باب (إن) وفي نواصب الأفعال. وإن التكرار ينافي الاختصار.
واعلم أن الذي تعرض للكلام عليه من (أن) المخففة من الثقيلة هي التي لم يقع بينها وبين الفعل فاصل سوى (لا) النافية، لأنه إذا وقع بينهما فاصل غير (لا) لم يقع بينها وبين الناصبة للفعل لبس، لأنك إذا قلت: خلت أن سيكون كذا، أو خلت أن لن تقوم- لم يمكن أن تكون هنا ناصبة، لمكان الفاصل الحائل بين (أن) وبين ما كان يمكن أن يكون معمولا لها، فلا يحتاج إلى تفرقة بين المخففة والناصبة في مثل هذا، وإنما يحتاج إلى ذلك حيث يمكن على الجملة أن تعمل (أن) فيما بعدها، وذلك إذا لم يقع بينهما فصل، كقولك: علمت أن تقوم، وخلت أن تخرج، وذلك على الوجه غير الأحسن المنبه عليه في باب (إن) أن يقع من الفواصل ما لا يمنع (أن) من تأثيرها في معمولها، وذلك (لا) نحو: خلت ألا تقوم، وعلمت ألا تخرج، فها هنا يحتاج إلى قانون التفرقة بين (أن) الناصبة للفعل والمخففة من الثقيلة.