التفرقة حاصلة، من جهة المعنى بين هذا وبين قولك: قام زيد وخرج عمرو.
وقد رام ابن الأنباري الانتصار للفراء في هذا بما لا حاجة إلى ذكره، فإن اردت الاطلاع عليه فانظره في "المذكر والمؤنث" له.
وعلى الجملة فالبصريون أقرب إلى الصواب في المسألة والله أعلم. وهنا مسألتان:
إحداهما: أن الناظم لما كان قد قيد التاء بالفرق في هذا الفصل، إذ قال:"ولا تلي فارقة فعولاً" ولم يقل: ولا تلي فعولاً - أشعر ذلك من كلامه بأن التاء تأتي غير فارقة، فلابد من ذكر أنواع التاء المشهورة وهي خمسة:
أحدهما: التي ذكر، وهي تأتي في الأسماء والصفات، أما في الصفات فظاهر، لأنها محمولة في ذلك على الفعل، كطالع وطالعة.
وأما في الأسماء فهي على وجهين:
الأول: أن تكون فارقة بين المذكر والمؤنث وإن اختلف اللفظان، بمعنى أنهم لما أرادوا أن يؤنثوا أتوا بالعلامة، وتركوا المذكر على أصله، نحو: غرفة، وقرية، ومدينة، وعمامة، وشقة، وبلدة، فهذا ما أرادوا تأنيثه. وقالوا: حجر، وتراب، وثوب، ودرهم، ومنزل، وقمر، فهذا ما أرادوا تذكيره، فقد حصل الفرق بالتاء هنا على الجملة، لأن التأنيث غير معروف في مثل هذا إلا من جهة اللفظ، وهو بأحد العلامتين. وحين أعوزت العلامة رجعوا إلى أحكامٍ أخر لفظيةٍ، عرفوا بها كون اللفظ في تقديرها، كدار وشمس، وقد تقدم.
والثاني: أن تكون فارقة بين المذكر والمؤنث مع اتفاق اللفظ، وهو على وجهين: