ابن جني «فإن قلت أنت هَرَبْت من سكون الأول في الفعل فكيف زِدتَ
عليه ساكنا آخر وهو الهمزة؟ قيل هذه الهمزة وإن كانت ساكنة فإنها إنما
جيء بها قبل السكون لأنه قد عُلم أنها إذا اجتمعت معه فلا بد من حذفِ
أحدهما أو حركته والحركة والحذف لم يصلح واحدٌ منهما في الحرف
الساكن من الفعل لئلا تزول بِنيَته التي قد أُريدت له من سكون أوله فلم يبق
إلا حذفُ الهمز أو حركتُها فلم يَجُز حذفها لأنّ ذلك يُؤدي إلى ما منه هُرِب
وهو الابتداء بالساكن فلم يبق إلا حركة الهمزة فحُركت فانكسرت على
ما يجب في الساكنين إذا التقيا»
واستُدل على كونها ساكنة في الأصل أنهم أتوا بها مكسورة عندما
أرادوا التحريك ولو كانت متحركة في الأصل كانت مفتوحة أبدا بمنزلة
الحروف التي تكون على حرف واحد كهمزة الاستفهام وواو العطف
وكلامُ العرب على كسرها والضمُّ فيها لعلة وكذلك الفتح
فال ابن الضائع وهذا لا يحتاج. وحقٌّ ما قال. وقد يُعلل كسرُها
وخروجُها عن الأصل من الفتح بقصد التفرقة بين همزة القطع وهمزة الوصل
إذ لو فُتحت لكان اللفظ بهما واحدا فاضرِبْ وانْطِح كقولك أَعْلِم وأَكْرِم
ففرَّقوا بينهما بأن كسروا همزة الوصل وكانت هي أولى بالكسر لأنها ليست
من أصل البنية حقيقة إذ لو كانت كذلك لوجب الفتحُ كما وجب في همزة
[٤٧٩]