كذلك، وابن مالك أشد إطلاعا منا (عليها) - أيها المتأخرون- وأيضا فلو لم يكن لغيره فيه اصطلاح لكان جائزا له أن يضعه هو، إذا كان لا يؤدي إلى مخالفة حكم، وإذا نظرنا من جهة القياس فإن فعلي الأفعل أولى أن تكون صفات منها (أن تكون) أسماء؛ أما أولا فإنها تجرى بعد على موصوفاتها جريان الصفة المحضة على موصوفها؛ ألا تراك تقول: هذه قسمة ضيزي، ومشية حيكي، كما تقول: هذه المنزلة الدنيا، والمنزلة العليا، وقال تعالى:{إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى}، وكذلك سائر المثل في فعلي الأفعل.
فإذا قلت: الدنيا والعليا على غير موصوف. فهو على تقدير الموصوف، وإلا فلو لم يكن كذلك لكان قولك: المنزلة العليا، يعرب بدلا لا وصفا، إذ هو عندكم بمنزلة الأسماء، وإنما يكون بمنزلة الأسماء إذا تنرسي الجريان على الموصوفات، وهو هنا غير متناسي، فدل على صحة كونه صفة محضة. وهذا المعنى أودره جني على مذهب البصرين، وأجاب عنه بأن أصل الصفة أن تكون جارية على النكرة لأنها أحوج إليها من المعرفة، لأن وضع المعرفة إنما هو على أن تخص الواحد بعينه فلا يشاركه فيما تريد هنالك غيره، وما كان هذا سبيله فلا حاجة له/ إلى