ثم قال:(وماضي الأفعال بالتا مز) ماضي مفعول بـ "مز" و "بالتا" متعلق به أيضا، والتقدير: مز الفعل الماضي بالتاء. ويقال: مازَ الشيء من الشيء يميزه، وميز منه غيره، إذا أبرزه وأخرجه عنه، ومنه القراءتان:((حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ من الطَيِّبِ)) و ((حَتَّي يُمَيِّزَ الخَبِيثَ من الطَيِّبَ)).
وقصر التاء ضرورة كما تقدم، وهذه عادته في أمثال ذلك لا يتحاشى عنه ولا عن غيره من الضرورات الشعرية، واستعمال اللات النادرة، لداعية الوزن والقافية وسترى ذلك لكه إن شاء الله.
وأراد (بالتاء) التاء المتقدمة الذكر في قوله: ((بتا فعلت وأتت) فالألف واللام في التا للعهد الذكرى، يريد أن الماضي من الأفعال وهو الموضوع في الأصل للزمان الماضي، تميزه من غيره من الأفعال بلحاق التاء المتقدمة الذكر له، أي: بصلاحيته للحاقها له، فكل فعل لحقته تاء الضمير نحو: ضربت وليست وعست فهو فعل ماض.
ثم قال:(وسم بالنون فعل الأمر)(سم) فعل أمر من وَسَمَه يَسمُه سِمَةٌ وَوَسْمًا: إذا جعل عليه علامة تعرفه من غيره، أي: اجعل النون سِمَةً على فعل الأمر تميزه عن غيره، وأراد بالنون المتقدمة الذكر في قوله:(ونون أقبلن) فالألف واللام فيها أيضا للعهد الذكرى، وفعل الأمر وهو الدال بوضعه الأول على الأمر للمخاطب.
ولما كانت هذه النون تلحق الماضي ولمضارع، كما تلحق الأمر