فالجواب: أن هَنّا لا تختص بالإشارة إلى المكان، بل قد يراد بها الزمان، ومن ذلك هذه المواضع، فإن معناها الإشارة إلى الزمان بلا بُدٍّ، أى ذكرى جُبرة ليس في هذا الزمان، وحنينها ليس هذا الوقت. وكذلك ما بقي. وأما عملها في المعرفة فإنها عند ابن مالكٍ غير عاملة في هذه المواضع، بل هَنّا منصوبٌ على الظرفية، وما بعدها إن كان اسمًا فهو مبتدأٌ خبره هنّا، وإن كان فعلًا فهو على تقدير «أَنْ» محذوفة، وأَنْ وصلتها في موضع مبتدأ خبره هَنّا؛ كأنه قال/: لا هنالك ذكرى كذا، أو لا هنالك حين. نَقَلَ هذا المعنى عن الفارسىّ. قال:«وزعم ابن عصفور أن هَنّا اسم لات. وما قاله غير صحيح، لأن هَنّا ظرف غير متصرّف، فلا يخلو من معنى في»؛ فقد ظهرت صِحّةُ ما اشترط من عمل لات في النكرة وفي الحين.
ثم قال:«وَحَذْفُ ذِى الرّفْع فَشَا والعَكْسُ قَلّ». يعنى أن المرفوع الذى رفعته لات فشا حذفٌه وشاحَ وكثر، وعليه القراءة المشهورة:{ولات حينَ مَناصٍ}. وجميع ما مرّ من الأبيات فإنما وقعت أسماء الزمان