بقواعد لغته فيفصل مثلًا بين الموصول وصلته كما فعل جبرا إبراهيم جبرا حين كتب:
وشعرك القاصف كالريح المصفحة التي
أمطرت على أوروبا
وقد يفصل بين الجار والمجرور ومتعلقهما كما في قوله:
... ... ... مستقيمًا
كمدفع يلمع في الفضاء
وكان حقه أن يقول "مستقيمًا كمدفع يلمع في الفضاء" دونما فصل. على أن اعتراضنا على هذا الأسلوب في كتابة النثر يرجع في أساسه الأكبر إلى أنه ليس من حق أي نثر أن يكتب مقطعًا على أسطر. ذلك أن التقطيع هبة أعطتها اللغة العربية للشاعر وحسب. وإنما يستحقها الشاعر لأنه يكتب وحدات موسيقية موزونة، فإذا منحناه مزية على الناثر كان ذلك هو المعقول والمنطقي. إن التقطيع ملازم للشعر. تلك هي القاعدة، وقد جرى عليها تاريخنا الأدبي كله.
وأما النثر فما الذي يبرر كتابته مقطعًا؟ وإذا كان التقطيع مقبولًا في الشعر، حيث تسنده الموسيقى والوزن فيتقبله منطق الذوق، فما الذي يجعله مقبولًا في نثر عادي خال من الوزن مثل أي نثر سواه! والحق أن المرء يكره أن يقرأ شيئًا مقطعًا على أسطر بلا سبب مبرر كالوزن. ولذلك نجد أغلب الناس يرفضون قراءة الشعر الأوروبي المترجم المكتوب بهذا الشكل. وتلك خسارة فادحة، وإساءة إلى الآداب الأوروبية التي ينقلونها لنا؛ لأن من حق تلك الآداب أن تترجم إلى العربية في حدود أساليبها الجمالية المقبولة دونما خروج عن نطاقها الذوقي. وكلما كتبوا بالشكل المجلوب المصطنع الذي يستعملونه، ساهموا في حرماننا من فرصة