للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتذوق فيها القارئ العربي الذي يجهل اللغات الأجنبية أدبًا غنيًّا عريقًا كالأدب الأوروبي.

ومهما يكن من أمر فقد وقعت الواقعة، وشاع هذا الأسلوب الهجين في ترجمة الشعر الغربي، وألفنا أن نرى لغتنا العربية موزعة على أسطر بلا أي سبب يبرر ذلك. ولماذا تكتب قصيدة جاك بريفير هكذا:

الحمار والملك وأنا

سنكون أمواتًا غدًا

الحمار من الجوع

والملك من الضجر

وأنا من الحب١

لماذا لا نكتبها كما يلي على نحو ما يكتب النثر العربي: "الحمار والملك وأنا، سنكون كلنا أمواتًا في الغد. يمو ت الحمار من الجوع، والملك من الضجر، وأموت أنا من الحب" أليس هذا أجمل وأوقع في النفس العربية التي ألفت أن يكتب نثرها بهذا الشكل؟ أولًا تكتسب قصيدة بريفير وقعًا أغنى لدينا؟ إن هذا، في لغتنا، نثر لا شعر، وعلى ذلك فإنه لا يكتسب أبعاده الحقيقية إلا إذا كتبناه كالنثر وأعطيناه صفة النثر.

وأما إذا كان المترجم حريصًا كل الحرص على صفة التقطيع، فإن عليه أن يترجم هذا الشعر الأجنبي إلى شعر عربي، بكل ما يتبع ذلك من وزن وتقفية وعاطفة وصور. فإذ ذاك سيكون التقطيع من


١ ترجمة فواز الطرابلسي. مجلة شعر. العدد ٩-١٩٥٩. ولا يخفى أن قوله "الحمار والملك وأنا" ليست صيغة عربية فإنما نقول في لغتنا "أنا والحمار والملك" لأن لضمير المتكلم الأسبقية في العبارة.

<<  <   >  >>