للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس الغلط مقصورًا على علي محمود طه. فلمحمود حسن إسماعيل أخطاء مثلها هذا مثال منها، من الخفيف:

طعنة من معاذ أخرس فوها ... فاك بعدما كنت تنهي وتأمر١

وشطره الثاني مكسور كسرًا لا يجبر لأنه خارج على الوزن.

وهذا صالح جودة في ديوانه "ليالي الهرم" قال من "الخفيف":

ارفعيه عن الثرى كما رفع الله إلى خلده نبي الصليب

وإنما يستقيم البيت لو حذفنا كلمة "كما" التي يتوقف عليها المعنى ولنزار قباني في أوائل حياته الشعرية من البحر السريع:

لعنتِ من صفراء جاحدة ... ماذا تمنيت ولم أفعل

ابن ثمانين رضيت به ... لتغرقي في الذهب المثقل٢

إن في عروض هذين البيتين زحافًا قبيح الوقع من الصنف الذي نحاسب عليه شعراء الشعر الحر.

ولغير هؤلاء الشعراء غلطات كثيرة ليس هذا مجال ذكرها. ومن ذلك نرى أن الخطأ ليس مقصورًا على الشعر الحر وإنما يقع في سواه أيضًا، وقد تكون جذور أخطاء الشعراء الجدد كامنة في أخطاء أسلافهم من شعراء الشطرين. فلا يبنغي لنا أن نحاسب المعاصرين المتحررين وحدهم، ولا


١ قصيدة "ثورة الإسلام في بدر" لمحمود حسن إسماعيل من ديوانه هكذا أغني القاهرة ١٩٣٨.
٢ قصيدة "خاتم الخطبة" لنزار قباني. ديوان قالت لي السمراء. الطبعة الأولى. مطابع الأحد دمشق ١٩٤٤.

<<  <   >  >>