للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنقاد، ولعل سبب ذلك يكمن في أنه شكل من أشكال الشعر نشأ في عصور متأخرة فلم يذكره عروض الخليل ولا عروض الذين تأخروا عنه. والواقع أنه لم يذكر حتى في كتب العروض المتأخرة مع أنها أحصت أشكالًا أقل منه طرافة وأصالة مثل الزجل والمواليا، وكان كان والقوما والدوبيت. وكنت أؤمل -على الأقل- أن تشير كتب المعاصرين في العروض إليه، وقد راجعت بضعة منها فخاب ظني ولم أجد فيها ولو إشارة إلى هذا الأسلوب الشعري الطريف الذي أقام فيه الشاعر الوزن على أساس "التفعيلة" دون الشطر مخالفًا بذلك كل أساليب الوزن العربي السابقة. وأحسب أن هؤلاء العروضيين المعاصرين الأفاضل١، مع تقديرنا لعلمهم وثنائنا على مجهودهم الطيب، قد أخذوا الجذور الأساسية للعروض من الكتب القديمة ولم يروا داعيًا إلى أن يضيفوا فصولًا تدرس التطوير الذي وقع في العصور المتأخرة. وقد يكون بينهم من لا يعرف البند أصلًا؛ لأنه فن شعري اقتصر عليه شعراء العراق، وهذا عذر لا يشمل الرصافي. وأما إذا كان هذا الإهمال مقصودًا تعمده المؤلفون الأفاضل استهانة منهم بالبند، فإن ذلك لا ينبغي أن يغتفر لهم وهم نقاد عروضيون ذوو نظر. ذلك أن هذا البند قد لقي قبولًا لدى كثير من الشعراء، وذلك وحده ينبغي أن يكون كافيًا لأن يجعل من كتاب العروض الذي لا يدرسه كتابًا لا يستوفي مادته المفترضة، فضلًا عن كون البند لم يكن إلا نموًّا من بحور الشعر العربي يضيف إليها جديدا ولا يخرج عنها في شيء.


١ المؤلفون الذين راجعت كتبهم هم:
أحمد الهاشمي في "ميزان الذهب"
معروف الرصافي في "الأدب الرفيع" بغداد.
ممدوح حقي في "العروض الواضح" بيروت.
بدير متولي حميد في "ميزان الشعر" القاهرة.
محمود مصطفى في "أهدى سبيل إلى علمي الخليل" القاهرة.

<<  <   >  >>