للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشعورية والفكرية للأبيات، فإن الخاتمة ينبغي أن تكون جهورية مجلجلة قاطعة بحيث تبرز على سائر الأبيات وتشعرنا بالانتهاء. ومعنى الجهورية أن يحتوي البيت الأخير على حكم قاطع قوي أو عبارة بتارة تصلح لاختتام القصيدة. ومن ذلك، الدعاء اللطيف الذي ختم به نزار قباني قصيدته، فقد ألقاه بلهجة قاطعة وكأنه عبر به عن أعمق أعماق إحساسه نحو الشباك. ومهما يكن فإن البيت الأخير ينبغي أن يكون بارزًا مثيرًا ليختم القصيدة.

وختام ما ينبغي أن نقوله حول الهيكل المسطح أنه لا يتيح فرصًا لقصيدة طويلة. ذلك أن الامتداد المنبسط يضايق، والأوصاف المتتالية تصبح مملة متعبة حين لا تتخللها ذروة عاطفية تثير حماسة القارئ وذلك هو السبب في الرتابة التي نلمسها في بعض قصائد أنور العطار وهي لا تخلو من أبيات مفردة جميلة، غير أن طولها واستواء المستوى العاطفي والتعبيري في الأبيات كلها يجعل النغم ممطوطًا دون داعٍ. وخير وسيلة للنجاة من مثل هذا المزلق أن تكون القصائد المسطحة قصيرة، وتلك لفتة أدركها نزار قباني بفطرته، فهي تكاد تكون القانون في شعره كله، لا يخرج عليه إلا حين ينظم قصيدة هرمية الهيكل مثل القصيدة الرائعة الجمال "طوق الياسمين"١.

القوى الحركية في القصيدة:

رأينا ونحن ندرس "الهيكل المسطح" أن الموضوع الساكن لا يستطيع أن يمد قصيدة بكيان غني مقبول، وأنه ينبغي، في الغالب، أن يقوم على عناصر أخرى خارجية كالعواطف والصور لتنجح القصيدة، والواقع أن هذه الشحنة من الصور والمشاعر التي يلتمسها الهيكل الساكن إنما هي،


١ ديوان قصائد من نزار قباني، بيروت ١٩٥٦.

<<  <   >  >>