في حقيقة الأمر، صورة من صور الحركة يحاول بها الشاعر -وهو غير واع- أن يدخل عنصر الحركة إلى هيكلة لينقذه من الجمود.
إن كل قصيدة جيدة لا بد أن تحتوي على عنصر الحركة على صورة ما، وإلا كانت قصيدة رديئة، والشاعر يدرك هذا بإحساسه ويحاول، غير واعٍ، أن يضفي هذا العنصر على قصيدته من إحدى جهاتها. فإذا كانت نقطة الارتكاز في القصيدة ساكنة كشباك نزار قباني، امتد الهيكل عاطفيًّا وصوريًّا، وكأن الشاعر -وهو يرى موضوعه ساكنًا- يدرك أنه لا يستطيع أن يصوغ من سكونه شيئًا نابضًا بالحياة، ما لم يضف إليه امتدادًا من نوع ما، فيبدأ بالأقرب وهو الصور والمشاعر التي توسع نقطة الارتكاز وتجعل نطاقها أكبر وأكثف.
ولو راجعنا قصيدة "شباك" لرأينا أن هذا الشباك -وهو ساكن- وقد اكتسب امتدادات رائعة الحسن بما أضفاه عليه الشاعر من نعوت. إنه يتسع عندما يصفه الشاعر بأنه "ملفوف بالبنفسج" ويتسع ثانية عندما يسميه الشاعر "ديرًا للشحارير" وهي صورة تمنح الذهن فرصة لتخيل مجموعة من الشحارير تتطاير وتحط عند الشباك ... وبذلك اتسع أفق الشباك مكانيًّا حتى شمل المنطقة التي تحيط به، وسرعان ما تتدخل "الستائر" التي تمد الشباك إلى داخل الغرفة وتصله بكل ما فيها من حياة، وهكذا نرى الشاعر قد جعل الشباك ينبض بالحركة ووصله بأعمق أعماق الحياة المتدفقة حوله.
ب- الهيكل الهرمي:
الفرق الأساسي بين قصائد هذا الهيكل، وقصائد الهيكل المسطح، أن الشاعر هنا يمنح الأشياء بعدها الرابع. بدلًا من أن توصف الأشياء وهي ساكنة، ذات ثلاثة أبعاد، في لحظة واحدة من لحظاتها -كما في الصور-