للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"تفاعل" مثل تلاشى وتهادى وتمادى، فهي توحي بحركة مرتخية متمهلة.

ومن المؤكد أن الشاعر لو استعمل كلمة "غاب" في مكان "توارى" لما استطاع أن يعطي هذا الأثر.

وينتقل المشهد الغروبي إلى الليل الكامل فنرى الشاعر قد انتهى من اجتياز الطريق وبلغ موضع التمثال وراح يخاطبه:

أيهذا التمثال، هأنذا جئت لألقاك،

في السكون العميق

حاملًا من غرائب البر والبحر،

ومن كل محدث وعريق

ذاك صيدي الذي أعود به ليلًا

وأمضي إليه عند الشروق

وأبرز ما يلفت النظر هنا عبارة "أعود به ليلًا" التي كان الفعل فيها مضارعًا، وهو أول مضارع استعمله الشاعر، بعد سلسلة الأفعال الماضية "أقبل، توارى، مدَّ، جئت".

والسبب في استعمال المضارع هنا أنا الشاعر يريد أن يوحي بالاستمرارية في حركة هذه "العودة". فهو يخرج كل صباح ويعود كل مساء ليصطاد الكنوز ويلقيها على قدمي تمثاله. وفائدة هذه الاستمرارية أنها تمد الزمن وتطيله حتى يشيب الشاعر في القسم الثاني من القصيدة، وهي فترة عانى الشاعر كثيرًا قبل أن يبلغها كما يتضح من الأبيات التالية يخاطب بها الشاعر تمثاله:

بيدي هذه جبلتُكَ، من قلبي

ومن رونق الشباب الأنيق

كلما شمتُ بارقًا من جمال

<<  <   >  >>