التي يسلطها الشعر على أعماق الشاعر فيضيئها بحيث نطلع عليها. أو لنقل إنه جزء من الهندسة العاطفية للعبارة يحاول الشاعر فيه أن ينظم كلماته بحيث يقيم أساسًا عاطفيًّا من نوع ما.
إن هذا القانون الأولي النافذ في كل تكرار يستطيع أن يدلنا على وجه الاختلال في بعض التكرارات غير الموفقة التي نجدها في الشعر المعاصر، ومثالها هذه الأبيات من قصيدة للشاعر عبد الوهاب البياتي:
وخيولنا الخشبية العرجاء كنا في الجدار
بالفحم نرسمها ونرسم حولها حقلًا ودار
حقلًا ودار١
إن وجه الاعتراض هنا هو أن "حقلًا ودار" هذه لا تستدعي أية عناية خاصة من الشاعر بحيث يحتاج إلى أن يكررها. فماذا من الغرابة في أن يرسم هؤلاء الأطفال "حقلًا ودار" حول "خيول خشبية عرجاء"؟ إن الخيول تعادل في أهميتها "حقلًا ودار" هذه بحيث لا يعود التكرار مقبولًا. والحق أن القارئ يحس مرغمًا بأن هذا الطفل المتكلم بليد قليلًا بحيث يندهش مما لا يدهش، وهو معنى لا شك في أن الشاعر لم يقصد تصويره في شخصية الطفل، وإنما ساق إليه التكرار غير الموفق. وهكذا نجد السياق في الأبيات لا يستدعي التكرار إلا إذا كان الشاعر يقصد أن يثير به نوعًا من الصدى اللفظي لا أكثر.
وثاني قاعدة نستخلصها هي أن التكرار يخضع للقوانين الخفية التي تتحكم في العبارة، وأحدها قانون التوازن. ففي كل عبارة طبيعية نوع من التوازن الدقيق الخفي الذي ينبغي أن يحافظ عليه الشاعر في الحالات كلها، إن للعبارة الموزونة كيانًا ومركز ثقل وأطرافًا، وهي تخضع لنوع من