للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما عدا أنه أوسع من أسلوب الشطرين وأرحب أفقًا. وليس معنى كلامنا هذا أننا نتخلى عن الشطرين ونرفضها؛ فإن لهما مزايا وعيوبًا، كما أن للشعر الحر مزايا وعيوبًا. وأنا حريصة عليهما معًا، محبة لهما كليهما، وكل ما أدعو إليه أن نقيم أسلوب الشعر الحر توءمًا جميلًا لأسلوب الشطرين؛ فكلاهما طفل يلثغ بالأغاني الحلوة وليس لشاعر أن يرفض أيًّا منهما.

والواقع أن الشعر الحر قد ورد في تاريخنا الأدبي، وقد كشف الأدباء المعاصرون، ومن أوائلهم عبد الكريم الدجيلي في كتابه المهم "البند في الأدب العربي، تاريخه ونصوصه"، كشفوا أن قصيدة من هذا الشعر قد وردت منسوبة إلى الشاعر ابن دريد في القرن الرابع الهجري وهذا نصها، وقد رواه الباقلاني في كتابه "إعجاز القرآن" وأدرجه كما يدرج النثر الاعتيادي؛ ولكني أوثر أن أدرجه إدراج الشعر الحر ليبدو نسق أشطره المتفاوتة الأطوال والأوزان:

رب أخ كنت به مغتبطًا

أشد كفي بعرى صحبته

"من الرجز":

تمسكًا مني بالود ولا

أحسبه يغير العهد ولا يحول عنه أبدًا

ما حل روحي جسدي

فانقلب العهد به

فعدت أن أصلح ما أفسده

فأستصعب أن يأتي طوعًا فتأنيت أرجيه

"من الهزج":

فلما لج في الغي إباءً

"هزج ضربه فعولن":

ومضى منهمكًا غسلت إذ ذاك يدي منه

"رمل":

ولم آس على ما فات منه

<<  <   >  >>