قال المصنف رحمه الله (ولام كي) ، أيضًا هذه تنصب الفعل المضارع عند الكوفيين، أما البصريون فإنهم يرون أن ناصب الفعل المضارع بعد اللام هو "أنْ" مقدرة، وقد يكون لهم بعض العلة، ذلك أنهم يقولون اللام الأصل فيها أنها حرف جر، فهل تعمل اللام في الأسماء وتعمل بنفس العمل في الأفعال أو بعملٍ آخر في الأفعال، تجر الأسماء وتنصب الأفعال؟!، هذا هو السبب الذي منع البصريين من إعمال اللام، فقالوا ننصب الفعل المضارع بـ "أنْ" مضمرة بعد اللام، أحيانًا يكون إضمارًا واجبًا وأحيانًا يكون إضمارًا جائزًا، في قول الله عزّ وجلّ ? وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ? [الأنفال: ٣٣] ، ? لِيُعَذِّبَهُمْ ? يقولون "أنْ" مضمرة بعد اللام وجوبًا هنا، لأن هذه تُسمّى لام الجحود، قال الله عزّ وجلّ ? وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ? [الأنعام: ٧١] ، قالوا "أنْ" هنا مضمرة جوازًا، لماذا؟ قال لأنها ظهرت في بعض الآيات، قال الله تعالى ? وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ? [الزمر: ١٢] ، فمادام أنها ظهرت فيجوز إظهارها وإضمارها.
والذي نعتد به أنّ "أنْ" تُقدر بعد اللام لتكون ناصبةً للفعل المضارع، حتى ما يكون للام عملان، عمل في الأسماء وهو الجر وعمل في الأفعال وهو النصب، لكن صاحبنا هو اعتبر لام "كي" وهي اللام الدالة على التعليل ولام الجحود، اعتبرها أو عدّاهما هما الناصبتان للفعل المضارع، وله ذلك، وقد قال به غيره، وأنتم لكم أن تقولوا ذلك إذا أردتم من باب التخفيف، وإن أرتم من باب الدقة فيما أرى فهو أن تقولوا إن اللام إما لام الجحود أو لام التعليل، إن الفعل المضارع بعدها منصوبٌ بأن مضمرة، وتكون "أن"
وما دخلت عليه مؤولة بمصدر، ويكون هذا المصدر مجرورًا باللام، والله أعلم بالصواب.