وبعد هذا ننتقل إلى باب جديد، وإلى منحًى آخر، وهو الحديث عن الجمل، وقد بدأ بالحديث عن الجمل الاسمية، ذلك أنه تحدث عن باب مرفوعات الأسماء، فقال (باب مرفوعات الأسماء) ، ثم قال (المرفوعاتُ سبعة، وهي: الفاعل، والمفعول الذي لم يُسَمَّ فاعِلُهُ، والمبتدأ وخبره، واسم كان وأخواتها، وخبر إنَّ وأخواتها، والتابع للمرفوع، وهو أربعة أشياء: النَّعتُ، والعطفُ، والتوكيد، والبَدَل) ، وهذا بابٌ طويلٌ جدًا، لأنه ليس بابًا واحدًا وإنما هو أبوابٌ متعددة.
نبدأ في حديث المصنف عن الباب الأول من المرفوعات، وهو باب الفاعل، والفاعل يا أيها الأحباب عمدة، والعمدة لا يجوز حذفه ولا إسقاطه، والفاعل حكمه أنه يستحق الرفع، ولذلك ذكر المصنف باب الفاعل في أول أبواب المرفوعات، قال المصنف رحمنا الله وإياه:(باب الفاعل: الفاعل: هو الاسم المرفوعُ المذكورُ قبلَهُ فِعلُهُ) وهنا ذكر لنا بعض الأحكام المتعلقة بالفاعل، ذلك أن الفاعل حقه أن يكون مرفوعًا، وأيضًا حق الفاعل أن يتقدم عليه عامله، والعامل قد يكون فعلا وقد يكون غير فعل، قد يكون فعلا كقولك "قام عبد الله"، وقد يكون غير فعل نحو قوله عزّ وجلّ ? مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ ? [النحل: ٦٩] ، فـ ? مُخْتَلِفٌ ? اسم فاعل، و ? أَلْوَانُهُ ? فاعلٌ به، ومع ذلك فهو ليس فعلا وإنما هو اسم فاعل، طبعًا الفاعل قال المصنف في تعريفه (هو الاسم) ، ومعنى ذلك أنه يخرج من عندنا الفعل، فالفعل لا يكون فاعلا، ويخرج من عندنا الحرف، فالحرف لا يكون فاعلا، فلابد أن يكون الفاعل اسمًا، ثم قال (المرفوع) ، والمرفوع هذا حكم من أحكام الفاعل، وأحكامه سبعة كما يذكرها بعض النحويين، فالمرفوع هذا حكمٌ من أحكام الفاعل، وكان الأولى أن يؤجل الحديث عن حكمه حتى ننتهي من تعريفه، لكن المصنف هذا شأنه في كثيرٍ من الأبواب، وسيتبين ذلك إن شاء الله تعالى.