ننتقل بعد هذا إلى باب المنادى.
قال المصنف (اَلْمُنَادَى خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ: المفرد اَلْعَلَمُ, وَالنَّكِرَةُ اَلْمَقْصُودَةُ, وَالنَّكِرَةُ غَيْرُ اَلْمَقْصُودَةِ, وَالْمُضَافُ, وَالشَّبِيهُ بِالْمُضَافِ) المنادي يا أيها الأحباب هو ما دخلت عليه أداة النداء والأصل في المنادي أن يكون منصوباًن الأصل فيه أن يكون منصوباً ولكنه في بعض حالاته يكون مبنياً على الضم أو على ما كان يرفع به، مثلاً كونه مثنى يكون مبنياً على الألف يكون جمع مذكر سالم، يكون مبنياً على الواو، وهكذا لكن الأصل فيه والكثير والغالب أن يكون المنادى منصوباً، مما ورد فيه المنادى منصوباً قول الله عزّ وجلّ ? يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً ? [مريم:٢٨] فيا هنا حرف نداء وأخت منادى منصوب وهو مضاف وهارون مضاف إليه قال الشاعر أيضاً:
أفاطم مهلاً بعض هذا التذلل أحياناً يكون حرف النداء ليس هو يا مع أن يا هي أم الباب لكن أحياناً يكون غيرها، من الأدوات الهمزة هذه، أفاطم مهلاً ومنها أي ومنها أيا ومنها هيا، هذه بعض الأنواع لكن أكثرها استعمالاً، هو يا.
مما وردت فيه أيا للنداء قول الشاعر:
أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا.......أعيذكما بالله أن تحدثا حربا
وأما هيا فقد وردت في قول الشاعر:
ورفعت من صوتها هيا أبا....وانصرفت وهي حصان مغضبة .........كل فتاة بأبيها معجبة
هيا أبا هذا موضع الشاهد عندنا.
قال المصنف: (فَأَمَّا اَلْمُفْرَدُ اَلْعَلَمُ وَالنَّكِرَةُ اَلْمَقْصُودَةُ فَيُبْنَيَانِ عَلَى اَلضَّمِّ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ, نَحْوَ "يَا زَيْدُ" وَ"يَا رَجُلُ") قوله المنادى خمسة أنواع أولها: المفرد العلم، المفرد المقصود به ما لم يكن مضافاً، ولا شبيهاً بالمضاف هذا هو المفرد أما العلم فقد سبق تعريفه، وأنت إذا ناديت كلمة محمد مثلاً فإنك تبنيها على الضم فتقول يا محمدُ ويا حسنُ ويا زيدُ، ويا فهدُ ويا خالدُ ويا عثمانُ إلى أخره.
النوع الثاني: من أنواع المنادى هو النكرة المقصودة وحكم النكرة المقصودة كحكم العلم في كونها تبنى أيضاً على الضم والمقصود بالنكرة المقصودة أن يكون أمامك شخص مثلاً لكنك تقصده بالنداء، فتقول يا رجل وأنت تقصد رجلاً بعينه، أو يا طالب، أو يا أستاذ، أو يا معلم، أو نحو ذلك، لكنك تقصد شخصاً بعينه، هذه نكرة في حقيقتها ولكنها نكرة مقصودة حقها أيضاً أن تكون مبينة على الضم.
أما النوع الثالث: من أنواع المنادى فهو النكرة غير المقصودة، ولها حكم مخالف النكرة المقصودة، لأنها منصوبة، فما الفرق بين هذه وتلك، الفرق أن كليهما نكرة، لكن أن تقصد شخصاً بعينه أما النكرة المقصودة فلا تقصد شخصاً بعينه قول الأعمى مثلاً يا رجلاً خذ بيدي ما يقصد رجلاً بعينه، وإنما يقصد أي رجل، قول الشاعر مثلاً:
أيا راكبا إما عرفت فبلغاً ندا ماي من نجران ألا تلاقي هو لا يقصد راكبا بعينه، وإنما يقصد أي راكب، حتى يؤدي تحيته، لأهله هذا إذا كان المنادى بهذه الصفة يعني نكرة، غير مقصودة، فإنه يكون منصوباً، وليست النكرة المقصودة يكون مبنياً على الضم.
النوع الرابع: من أنواع المنادى هو المضاف، وأما المضاف يا أيها الأحباب، فمعروف معلوم عندكم وهو أن يكون في نحو عبد الله، أو عبد الرحمن، أو زين العابدين أو ما شاكل ذلك أو كلمة يا صاحب عمر، يا صاحب القلم، يا صاحب الكتاب وما أشبه ذلك هذه حكم المنادى فيها أن يكون منصوباً، وذلك إذا كان مضافاً والأمثلة عليه لا تحصى ولا تعد.