ثم يبدأ المصنف رحمنا الله وإياه في الحديث عن باب كان وأخواتها، فيقول (فَأَمَّا كَانَ وَأَخَوَاتُهَا,
فَإِنَّهَا تَرْفَعُ اَلِاسْمَ, وَتَنْصِبُ اَلْخَبَرَ) ، المقصود بالاسم هنا المبتدأ، الذي كان مبتدءًا صار اسمًا لكان، يعني لا تعربه مبتدءًا لأنه لم يصر في بداية الكلام، بل صار هنا اسمًا لكان أو اسمًا لإحدى أخواتها، وصار مرفوعًا، وعند إعرابه تقول هذه الكلمة اسم كان مرفوعة وعلامة رفعها الضمة مثلا أو الألف أو الواو حسب ما يكون.
وأما الخبر فإنه يكون منصوبًا في هذا الباب، ومن ذلك قول الله عزّ وجلّ ? وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ? [النساء: ١٣٤] ، فـ"كان" هذه فعل ماضٍ ناقص ناسخ، إذا اكتفيت ببعضها فقلت فعل ماضٍ ناقص يكفي، لو قلت ناسخ لا بأس لأنه نسخ الحكم الموجود قبلها وهو أن المبتدأ والخبر كانا مرفوعين فصار واحدًا منهما مرفوعًا وصار الآخر منصوبًا، فـ"كان" فعلٌ ماضٍ ناقص، ولفظ الجلالة اسمها مرفوع، و ?سَمِيعًا ? خبرها منصوب.
يُقال عن هذا الباب كله إنه الأفعال الناقصة، ولا خلاف في شيءٍ منها إلا في كلمة واحدة وهي كلمة "ليس"، فإن بعضهم يرى أنها حرف، وذلك لجمودها، لأنه لا يأتي منها لا مضارع ولا أمر، فبعضهم يرى أنها حرف لذلك، والصواب الذي نعتد به أنها فعلٌ ناقص، ودليلنا على فعليتها إلحاق تاء التأنيث بها، كقولك "ليست هندٌ حاضرةٌ"، وكقولك "لستُ موجودًا"، أو "لستُ غائبًا"، فإلحاق التاء أكبر دليلٍ على أنها فعلٌ وليست حرفًا، لأن التاء لا تدخل على الحروف، وإنما تدخل على الأفعال، وهذا دليلٌ واضح على فعليتها.