قال المصنف:(وَحُرُوفُ اَلْعَطْفِ عَشَرَةٌ وَهِيَ: اَلْوَاوُ, وَالْفَاءُ, وَثُمَّ, وَأَوْ, وَأَمْ, وَإِمَّا, وَبَلْ, وَلَا, وَلَكِنْ, وَحَتَّى فِي بَعْضِ اَلْمَوَاضِعِ) أما باب العطف فهو التابع المتوسط بينه وبين متبوعه واحد من حروف العطف، مرة ثانية العطف هو التابع أو المعطوف المتوسط بينه وبين متبوعه واحد من حروف العطف فأقول جاء محمد وعبد الله، عبد الله هذا معطوف وهو تابع لمحمد لأنه توسط بينهما حرف من حروف العطف وهو الواو حرف من حروف العطف وهو الواو قال الله عزّ وجلّ ? وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ? [الحديد:٢٦] انتبه بارك الله فيك أشير إلى أمر مهم وهو أن الواو في الصحيح لمطلق الجمع ولا تقتضي الترتيب لا تقتضي الترتيب وقد يعطف بها متقدم وقد يعطف بها مساوٍ وقد يعطف بها متأخر.انظر إلى قول الله عزّ وجلّ ? وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ ? عطف إبراهيم على نوح وإبراهيم متأخر عن نوح، الثاني قد يرد العكس قال الله عزّ وجلّ ? كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ
الْحَكِيمُ ? [الشورى:٣] انتبه بارك الله فيك يُوحِي إِلَيْكَ الكاف هنا المقصود به محمد صلى الله عليه وسلم وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ عطف بالواو المتقدم على المتأخر، وقد يعطف المصاحب ومنه قول الله عزّ وجلّ ? فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ? [العنكبوت:١٥] وهم نجو مع بعض هذا كل ما يقال عن الواو.
ننتقل إلى الفاء، أما الفاء يا أيها الأحباب فهي تقتضي الترتيب والتعقيب لابد من دلالة الترتيب فيها، والترتيب هذا يعني مباشرة يجيء بعده ليس بينهما وقت طويل، والتعقيب كل شيء بحسبه أحياناً تقول جاء محمد فخالد وليس بينهما إلا وقت يسير جداً ولكنه يجوز لك أن تقول تزوج فلان فولد له، فالتعقيب هذا على كل شيء بحسبه في المدة التي يصلح أن يكون ما بين الزواج والولادة له ممكن أن تعطف بالفاء لأن كل تعقيب بحسبه.
أحياناً وهو الغالب في الفاء أن تدل على السببية أن تكون مقتضية السببية ومن ذلك قول الله عزّ وجلّ ? فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ ? [القصص: ١٥] القضاء عليه بسبب هذه الوكزة، أما الترتيب فقد اعترض عليه بعضهم يعني نحن ألزمنا أنه لابد من الترتيب اعترض عليه بنحو قول الله عزّ وجلّ ? وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَائِلُونَ ? [الأعراف:٤] وجه الاعتراض أن الإهلاك بعد مجيء البأس، في حين أن مجيء البأس مذكور هنا بعد الإهلاك وقد أجيب عنه بأن المراد بقوله أهلكنا أردنا إهلاكها.