الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نواصل الحديث في شرح ما يتيسر من الآجرومية. قال المصنف رحمه الله (والفعل يُعرف ب "قد" والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة) ، هذه علامات الأفعال، إذا وجدت الكلمة مبدوءةً بـ "قد" فاعلم أنها فعلٌ، فعل ماضي أم فعل مضارع؟ الوجهان، يمكن أن تدخل على الفعل الماضي، وهذا يدل على التحقيق، ويمكن أن تدخل على الفعل المضارع، وهذا يدل على التقليل غالبًا وعلى التحقيق أحيانًا. "قد يعلم الله الذين يخالفونك"، هذه للتحقيق، لكن "قد يجيء محمدٌ" هذه للتقليل، "قد أمر فلانٌ بكذا وكذا" للتحقيق، ولا يوجد وجه آخر.
إذًا قد لا تدخل على الأسماء، وطبعًا من باب أولى أن لا تدخل على الحروف، وإنما تدخل على الأفعال، هل تدخل على فعل الأمر؟ الجواب لا، هل تدخل على الفعل الماضي؟ الجواب نعم، هل تدخل على الفعل المضارع؟ الجواب نعم، ما دلالتها إذا دخلت على الفعل الماضي؟ التحقيق قولا واحدًا، ما دلالتها إذا دخلت على الفعل المضارع؟ التقليل غالبًا، والتحقيق أحيانًا، ? قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا ? [النور: ٦٣] ، وهو يعلم سبحانه بدون شكٍ في ذلك.
(والفعل يُعرف بـ"قد" والسين وسوف) ،ماذا يُسمّى هذان الحرفان؟ يُسميان حروف التنفيس، وأحيانًا يُسميان حروف التسويف، السين وسوف، السين يقولون إنها أقرب من سوف، "سوف" أبعد، "سوف أسافر" يعني بعد مدة، "سيجيء محمدٌ" يعني بعد قليلٌ، فالبعض يرى أنهما حرفان للتنفيس، والبعض يرى أنهما حرفان للتسويف، أما السين فأقرب من سوف مدةً، هذا كما يقول أهل اللغة. والسين و"سوف" لا يدخلان إلا على الفعل المضارع، لا تدخلان على الفعل الماضي، ولا تدخلان على الفعل الأمر، فهما خاصان بالفعل المضارع.