وهنا خلاف بين النحويين في إعراب الجار والمجرور والظرف إذا وقعا خبرين، كيف تعربهما؟ هل نقول الجار والمجرور هو الخبر؟ أو نقول مُتعلق الجار والمجرور هو الخبر؟ أو نقول الاثنين، المتعلق والجار والمجرور؟ أو المتعلق والظرف هما الخبر؟ أقوالٌ ثلاثة لك أن تعرب بأي واحدٍ منها، لك أن تقول الجار والمجرور هو الخبر، أو تقول متعلَق الجار والمجرور هو الخبر، أو تقول ـ وهو أولى في رأيي ـ الجار والمجرور ومتعلقه هما الخبر، والمسألة في هذا سهلة، والحمد لله رب العالمين.
لكن يشترط أيضًا ـ وأكرر مرة ثانية ـ في الخبر إذا كان ظرفًا أو جارًا ومجرورًا أن يكون مفيدًا، وإلا فإنه لايصح الإخبار به.
ننتقل إلى قول المصنف (والمبتدأ قِسْمَانِ ظَاهِرٌ وَمُضْمَرٌ، فَالظَّاهِرُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ) ، ما تقدم ذكره أين؟ في قوله في الأمثلة ("زَيْدٌ قَائِمٌ" وَ"الزَّيْدَانِ قَائِمَانِ" وَ"الزَّيْدُونَ قَائِمُونَ ") ، هذه كلها أسماءٌ ظاهرة، سواء كانت مفردة، مثنّاةً، مجموعةً، مؤنثةً، مذكرةً فيه، لا إشكال، هذا كله مما كان فيه المبتدأ اسمًا ظاهرًا.
ثم قال (والمضمر اثنا عشر وهى: أنا ونحن وأنتَ وأنتِ ووأنتما وأنُتم وأنتن وهو وهى وهما وهم وهن نحو قولك (أنا قائم) و (نحن قائمون) وما أشبه ذلك) تقيس عليه، أولا أنبه إلى أن هذه الضمائر التي ذكرها المصنف هنا ضمائر منفصلة، ولا يقع المبتدأ ضميرًا متصلا، ما السبب في أنه لا يقع ضميرًا متصلا؟ أن الضمير المتصل لا يستقل بنفسه، الضمير المتصل لا يُبتدأ به الكلام قولا واحدًا، لأنه غير مستقل بنفسه، فلا تستطيع أن تقول "تَ مجتهد"، لا يمكن هذا، هذا ضمير متصل صحيح، لكنه لا يستقل بنفسه، ولا يُبتدأ به الكلام عند الجميع، هذا بإجماع، ولذلك كل الضمائر التي ذكرها هنا ضمائر رفعٍ منفصلة، واثنان منها للمتكلم، وخمسة للمخاطب، وخمسة للغائب.