للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يذكرون كلامًا قاله امرؤ القيس لما أُخبر بمقتل أبيه قال "رحم الله أبي، ضيّعني صغيرًا، وحمّلني دمه

كبيرًا، اليوم خمرٌ، وغدًا أمرٌ، لا صحو اليوم ولا سكر غدًا"، هذا كلامٌ منسوبٌ إلى امرئ القيس، وامرؤ القيس ممن يُعتد بكلامه لأنه جاهلي، فأولوا هذا "اليوم" ظرف، وقد وقع خبرًا، والخمر هذا اسم ذات، فكيف وقع اسم الزمان خبرًا لاسم الذات، قالوا نؤوله، نجعل كلمة "خمر" هذه وقعت موقع مضافٍ محذوف أو مقدر، ويكون التقدير "اليوم شربُ خمرٍ"، أما قوله "وغدًا أمرٌ" فلا إشكال فيها، لأن الأمر معنويٌّ وليس ذاتًا، هذا ما يُقال من ناحية اسم الزمان، وهذا ما أحببتُ التنبيه إليه.

مما يُذكر في هذا الباب، وهو باب المبتدأ والخبر أن الأصل في المبتدأ أن يكون معرفةً، ولا يقع نكرةً إلا بمسوّغ، والمسوغات أوصلها بعضهم إلى أكثر من ثلاثين مسوغًا، ولكن نكتفي بذكر بعضها، وهو ما أشار إليه ابن مالك رحمه الله في ألفيته إذ قال:

وَلاَ يَجُوْزُ الابْتِدَا بِالْنَّكِرَهْ...... ... مَا لَمْ تُفِدْ كَعِنْدَ زَيْدٍ نَمِرَهْ

وَهَلْ فَتَىً فِيْكُمْ فَمَا خِلٌّ لَنَا...... وَرَجُلٌ مِنَ الْكِرَامِ عِنْدَنَ

وَرَغْبَةٌ فِي الْخَيْر خَيْرٌ وَعَمَلْ....... بِرَ يَزِيْنُ وَلْيُقَسْ مَا لَمْ يُقَلْ

فذكر ستة مسوغات للابتداء بالنكرة، فنكتفي بالحديث عن هذه المسوغات الستة، وليُقس عليها ما لم نذكره، إن المسوغات أولها كما ذكر ابن مالكٍ رحمه الله إذ قال:

وَلاَ يَجُوْزُ الابْتِدَا بِالْنَّكِرَهْ مَا لَمْ تُفِدْ كَعِنْدَ زَيْدٍ نَمِرَهْ

<<  <   >  >>