للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الأفعال أيضًا التي ذكرها المصنف "جعل"، و"جعل" الموجودة عندنا في هذا الباب نوعان، واحد منها للظن أو متعلق معناه بالقلب، ونوعٌ آخر للتصيير، وكلا الأمرين يعملان العمل نفسه، فينصبان مفعولين، مما كان معناه متعلقًا بالقلب قول الله عزّ وجلّ ? وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ? [الزخرف: ١٩] ، يعني اعتقدوهم، ما صيروهم طبعًا، لكنهم اعتقدوا أن الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا، فالملائكة هنا مفعول به أول لـ"جعل"، والواو طبعًا في ? جَعَلُوا ? فاعل، و? إِنَاثًا ? مفعولٌ به ثانٍ.

أما "جعل" التي بمعنى "صيّر" فلعل من شواهدها ما رواه الشيخان من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو قوله (جعل الله الرحمة مائة جزءٍ، فأمسك عنده تسعًا وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه) ، اللهم ارحمنا برحمتك يا رب العالمين، انظر إلى هذه الرحمة العظيمة، ? وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ? [الأعراف: ١٥٦] ، هذه الرحمة التي يتراحم بها الخلق في هذه الدنيا كلها جزءٌ واحدٌ مما ادخره الله ليوم القيامة، نسأل الله العلي القدير أن يرحمنا وإيّاكم، الشاهد عندنا في قوله (جعل الله الرحمة مائة جزءٍ) ، (جعل) هذا هو الفعل الذي بمعنى "صيّر"، و (الله) لفظ الجلالة فاعل، و (الرحمة) مفعولٌ به أول، و (مائة جزءٍ) مفعول به ثاني، وهو مضاف طبعًا وكلمة (جزءٍ) مضاف إليه.

<<  <   >  >>