طبعاً هو هنا يتحدث عن شخص أورد إبله لتشرب وجعل بعضها يعرك بعضاً، ولم يشفق على بعضها من أنه لا يستطيع أن يشرب إذا كان ضعيفاً، وإنما أرسله وتركها تشرب.
الشاهد عندنا في قوله أوردها العراك، فإن العراك هنا حال، مع أنها معرفة لدخول ال عليها ولك في توجيهها واحد من الأمرين أن تقول إن ال هذه زائدة ويجوز وهو الأولى أن تقول إن كلمة العراك مؤوله بنكرة فيكون التقدير فيها فأوردها معتركة، أو متعاركة قال المصنف (وَلَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ اَلْكَلَامِ) وهذا منه إشارة إلى أن الأصل في الحال أن يكون متأخرا لكن يجوز أن تقدمه؟ نعم، يجوز أن تقول مثلاً قائماً رأيت زيداً، أو راكباً جاء عبد الله لا مانع لكن الأصل أن تكون متأخرة ولعل المقصود بكلامه هنا أنها فضلة، يعني إذا استوفت الجملة ركنيها الأساسيين الفعل والفاعل أو المبتدأ والخبر، فلا مانع أن تورد الحال وسواء أخرتها وهو الأصل أو قدمتها وهو جائز.
في قول الله عزّ وجلّ ? وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ ? [البقرة: ٩١] مصدقاً هنا جاءت حالاً وجاءت متأخرة وهذا هو الأصل لكن لو قدمت الحال على صاحبها أو على الجملة كلها فلا مانع كما ذكرته لكم في الأمثلة، ثم قال المصنف أيضاً، ولا يكون صاحبها إلا معرفة، أما لا يكون مطلقاً ففيه نظر لأن صاحب الحال يمكن أن يكون نكرة لكن لابد معه من مسوغ، والمسوغات كثيرة أذكر لكم بعضها.