نعود نأخذها واحدةً واحدةً، (الخفض) ، ما المراد بالخفض؟ الخفض هو أن يكون الاسم مجرورا، بم يكون الجر؟ يكون بواحدٍ من حروفٍ الجر، وسيأتي بيانها إن شاء الله، أو يكون بالإضافة، أو يكون بالتبعية، وقد ذكرت في الحلقة الماضية أنها مجموعة كلها في قولك بسم الله الرحمان الرحيم، فكلمة "اسم" مجرورة بالباء، ولفظ الجلالة مجرورٌ بالإضافة، و"الرحمن" مجرورٌ بالتبعية، لأنه صفة لفظ الجلالة.
هل يعني دخول حرف الجر على الكلمة أنه لابد أن تكون اسمًا؟ الجواب لا، لأن حرف الجر قد يدخل في ظاهر اللفظ على غير الأسماء، كقولك مثلا "عجبت من أن حضر عبد الله"، فـ "من" حرف جر وقد دخلت على "أن"، و"أن" حرف وليست اسمًا، فهل هذا صحيح في ظاهر اللفظ؟ نعم، هي دخلت على، و"أن" ليست اسمًا وإنما هي حرف، لكن الواقع أنها دخلت على اسم، كيف هذا؟ أين هذا الاسم الذي تتحدث عنه؟ "أن" وما دخلت عليه تؤول المصدر، والمصدر اسم، فكأنك قلت "عجبت من حضور عبد الله"، فهي في الحقيقة داخلة على الاسم، لكن الاسم هذا مؤول، ولولا الحذف والتقدير والتأويل لعرف النحو كل واحد، فلابد أن تتنبهوا إلى مثل هذا.
إذًا دخول حرف الجر على الكلمة ليس دليلا قاطعًا على أن هذه الكلمة اسم، ولكن هو في حقيقة الأمر لو تدبرت الموضوع لوجدت أنه لا يدخل فعلا إلا على أسماء، سواءٌ كانت أسماء ظاهرة مثل "مررت بالرجل"، أو كانت مؤولةً كما ذكرنا لكم قبل قليل في قولك "عجبت من أن حضر محمد"، فيكون التقدير "عجبت من حضور محمد"، هذا هو الخفض أو الجر كما يعبر به البصريون.
(والتنوين) ، التنوين يا أيها الأحباب هو نون ساكنة تلحق الآخر لفظًا لا خطًا لغير توكيد، هذا هو تعريف التنوين، "محمدٌ صالحٌ مجتهدٌ""حاضرٌ" غائبٌ" "مسافرٌ" "بيتٌ" "دارٌ" إلى آخره، هذه كلها أسماء لأنه دخلها التنوين. يقسم النحويون التنوين أربعة أقسام: