قالَ أَبوْ بكرٍ ابْنُ المنْذِرِ في «الأَوْسَطِ» (٢/ ١٨٥): (وَاخْتُلِفَ في هَذِهِ المسْأَلةِ عَنْ مَالِكٍ: فحَكى ابْنُ القاسِمِ عَنْهُ أَنهُ قالَ: «لا بَأْسَ باِلصَّلاةِ في المقابر».
وَحُكِيَ عَنْ أَبي مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنهُ قالَ: «لا أُحِبُّ الصَّلاة َ في المقابر») اه.
قلتُ: وَالذِي يَظهَرُ لِي: أَنْ لا نِزَاعَ وَلا اخْتِلافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْن ِ، فالأُوْلىَ: يُرِيْدُ بهَا الصَّلاة َ في المقابرِ عَلى الجنائِزِ، وَالأُخْرَى: أَرَادَ بهَا الصَّلاة َ ذاتَ الرُّكوْعِ وَالسُّجُود.
وَقدْ أَطلقَ جَمَاعَة ٌ مِنَ الأَئِمَّةِ، جَوَازَ الصَّلاةِ في المقابرِ، أَوْ كرَاهَتَهَا، وَهُمْ يَعْنُوْنَ صَلاة َ الجنازَةِ فِيْهَا، لا الصَّلاة َ المعْهُوْدَة َ، ذاتَ الرُّكوْعِ وَالسُّجُوْد.
وَمَنْ مَنَعَ مِنْ هَؤُلاءِ الصَّلاة َ عَلى الجنازَةِ في المقبَرَةِ: فهُوَ يَمْنَعُ الصَّلاة َ ذاتَ الرُّكوْعِ وَالسُّجُوْدِ فِيْهَا مِنْ بابِ أَوْلىَ.
أَمّا مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ صَلاة َ الجنازَةِ بهَا: فلا يَلزَمُ مِنْ ذلِك َ تَجْوِيْزُهُ الصَّلاة َ ذاتَ الرُّكوْعِ وَالسُّجُودِ بهَا. بَلْ إنَّ جَمَاعَاتٍ مِنَ السَّلفِ، قدْ أَجَازُوْا الصَّلاة َ عَلى الجنازَةِ في المقبَرَةِ، وَحَرَّمُوْا غيْرَهَا مِنَ الصَّلوَاتِ، وَقدْ جَاءَتْ بذَلِك َ السُّنَّة.
وَالذِي عَليْهِ المحَققوْنَ مِنْ أَهْل ِالعِلمِ: أَنَّ الصَّلاة َ ذاتَ الرُّكوْعِ وَالسُّجُوْدِ، مُحَرَّمَة ٌ بلا شَكٍّ وَلا رَيْبٍ، لِكثْرَةِ الأَحَادِيْثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute