للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل في بيان ِ مُرَادِ أَهْل ِ العِلمِ المتقدِّمِيْنَ بلفظِ «الكرَاهَةِ»، وَأَنهُمْ أَرَادُوْا إطلاقهُ اللغوِيَّ الشَّرْعِيَّ، لا الاصْطِلاحِيَّ الأُصُوْلِيَّ، وَبيان ِ غلطِ مَنْ زَعَمَ أَنهُمْ أَرَادُوْا المعْنَى الاصْطِلاحِيِّ عِنْدَ المتأَخِّرِيْن

وَالكرَاهَة ُ الاصْطِلاحِيَّة ُعِنْدَ الأُصُوْلِيِّيْنَ: لمْ يَسْتقِرَّ مَعْنَاهَا في تِلك َ الفتْرَةِ، وَإنمَا اسْتقرَّتْ بَعْدَ ذلك.

أَمّا عِنْدَ المحَدِّثِيْنَ في ذلِك َ العَصْرِ: فكانوْا يُطلِقوْنهَا بمَعْنَاهَا اللغوِيِّ العَامِّ، الذِي يَدْخُلُ تَحْتَهُ كلُّ مَا كرِهَهُ الشّارِعُ فنهَى عَنْهُ، مِنْ كفرٍ، وَشِرْكٍ، وَكبائِرَ، وَصَغائِرَ، وَمَا دُوْنَ ذلك.

لهِذَا تجِدُ الأَئِمَّة َ يُطلِقوْنَ الكرَاهَة َ عَلى كبَائِرَ وَمَعَاص ٍ، مُسْتقِرٌّ تَحْرِيْمُهَا عِنْدَهُمْ، كقوْل ِ الإمَامِ مَالِكٍ في «الموَطإِ»: «بَابُ مَا جَاءَ في كرَاهِيَةِ إصَابةِ الأُخْتَيْن ِ بمِلكِ اليَمِيْن ِ، وَالمرْأَةِ وَابْنتِهَا».

ثمَّ قالَ مَالِك ٌ بَعْدَهُ في «الموَطإِ» في الأَمَةِ تَكوْنُ عِنْدَ الرَّجُل ِ، فيُصِيْبُهَا، ثمَّ يُرِيْدُ أَنْ يُصِيْبَ أُخْتَهَا: (إنهَا لا تَحِلُّ لهُ، حَتَّى يُحَرِّمَ عَليْهِ فرْجَ أُخْتِهَا بنِكاحٍ، أَوْ عِتَاقةٍ، أَوْ كِتَابةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذلِك َ، يُزَوِّجُهَا عَبْدَهُ أَوْ غيرَ عَبْدِه).

وَقالَ مَالِك ٌ أَيْضًا: (لا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بمِلكِ اليَمِين ِ، فمَنْ وَطِئَ مِنْهُمَا الأُمَّ وُالابنة َ: فقدْ حَرُمَتْ عَليْهِ بذَلِك َ الأُخْرَى

<<  <   >  >>