فصل في بيان ِ وَاجِبِ المسْلِمِيْنَ تِجَاهَ المشاهِدِ المبْنِيَّةِ عَلى القبور
إذا تقرَّرَ مَا سَبَقَ بدَلِيْلِهِ، وَعَلِمْتَ أَنَّ سَببَ شِرْكِ قوْمِ نوْحٍ وَكثِيْرٍ مِنَ الأُمَمِ بَعْدَهُمْ: هُوَ غلوُّهُمْ في الصّالِحِيْنَ، باِتخاذِهِمْ قبُوْرَهُمْ مَسَاجِدَ، يُصَلوْنَ فِيْهَا وَإليْهَا، أَوْ تَصْوِيْرِ تمَاثِيْلِهمْ مِمّا تقدَّمَ تَفصِيْلهُ، حَتَّى بَالغَ وَشَدَّدَ الشّارِعُ في النَّهْيِّ عَنْ ذلِك َ، وَلعَنَ فاعِلهُ، وَأَغلظ َ في الوَعِيْدِ، وَزَادَ في التَّهْدِيد.
بَلْ بَلغتْ شِدَّة ُ خَطرِهِ إلىَ أَنْ حَذّرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ ذلِك َ، قبيْلَ وَفاتِهِ بخمْس ِ ليال ٍ وَهُوَ في السِّيَاق ِ، مَعَ مَا كانَ يُعَانِيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تِلك َ الحال ِ، وَكانَ يُوْعَك ُ كمَا يُوْعَك ُ الرَّجُلان ِ مِنْ أُمتِهِ، قالتْ أُمُّ المؤْمِنِيْنَ عَائِشَة ُ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا: (لمّا نزِلَ برَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طفِقَ يَطرَحُ خَمِيْصَة ً لهُ عَلى وَجْههِ، فإذا اغتمَّ بهَا كشفهَا عَنْ وَجْههِ، فقالَ وَهُوَ كذَلِك َ: «لعْنَة ُ اللهِ عَلى الْيَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد» يحَذِّرُ مَا صَنعُوْا، وَلوْلا ذلِك َ أُبرِزَ قبْرُهُ، غيْرَ أَنهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخذَ مَسْجِدًا) رَوَاهُ البُخارِيُّ فِي «صَحِيْحِهِ» (٤٣٥)، (١٣٣٠)، (١٣٩٠)، (٣٤٥٣)، (٤٤٤١)، (٥٨١٥) ومُسْلِم (٥٣١).
وَعَنْ جُنْدُبِ بْن ِ عَبْدِ اللهِ البجَلِيِّ رَضِيَ الله ُعَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بخمْس ٍ وَهُوَ يَقوْلُ: «إني أَبرَأُ إلى اللهِ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute