للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصل ثمَّ إنَّ هَؤُلاءِ مَعَ فسَادِ دِينِهمْ وَعقوْلهِمْ: مُتنَاقِضُوْنَ كثِيْرًا، وَمِنْ ذلِك َ: أَنهُمْ لا يَطلبوْنَ مِنْ حَيٍّ دُعاءًا، مَعَ مَشْرُوْعِيَّتِهِ، وَاسْتِقامَتِهِ شَرْعًا، وَإتيان ِ السُّنَّةِ بجوَازِهِ، وَاسْتِحْبَابهِ لِمَنْ ظهَرَ صَلاحُهُ، كمَا في حَدِيْثِ أُوَيْس ٍ القرَنِيِّ في «صَحِيْحِ مُسْلِمٍ» (٢٥٤٢) وَغيْرِه.

وَلكِنهُمْ لا يَطلبوْنَ مِنْهُ الدَّعَاءَ لهمْ، حَتَّى إذا مَاتَ، وَانقطعَ عَمَلهُ، وَأَصْبَحَ هُوَ في حَاجَةٍ لإخْوَانِهِ أَنْ يَدْعُوا الله َ لهُ: لجُّوْا في دُعَائِهِ هُوَ! وَالاسْتِغاثةِ بهِ! وَالذَّبْحِ لهُ! وَالتقرُّبِ إليْهِ (١)!

وَقدْ رَأَيتُ كثِيْرًا مِنْ هَؤُلاءِ، مِمَّنْ يَنْتَسِبُ عِنْدَ رَهْطِهِ إلىَ العِلمِ وَالفِقهِ - وَهُوَ بَرَاءٌ مِنْهُمَا -: يَشُدُّ رِحَالهُ مُسَافِرًا إلىَ أَضْرِحَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ يُزْعَمُ صَلاحُهُمْ: فيَدْعُوْهُمْ وَيَسْتَغِيْثُ بهمْ، وَيَزْعُمُ أَنهُمْ أَغوَاثٌ وَأَقطابٌ! وَأَنَّ لهمْ تَصَرُّفا في الكوْن ِ مَعْلوْم! وَاطلاعٌ عَلى الغيْبِ


(١) - قالَ الشَّيْخُ الأَلبَانِيُّ في مُقدِّمَةِ تَحْقِيْقِهِ لِكِتَابِ «الآيَاتِ البَيِّنَاتِ، في عَدَمِ سَمَاعِ الأَمْوَاتِ، عِنْدَ الحنَفِيَّةِ السّادَات» لِلعَلامَةِ نُعْمَان ِ بْن ِ مَحْمُوْدٍ الأَلوْسِيِّ (ت١٣١٧هـ) (ص١١): (كاعْتِقادِ بَعْضِهمْ فِي الأَوْلِيَاءِ: أَنهُمْ قبْلَ مَوْتِهمْ كانوْا عَاجِزِيْنَ، وَباِلأَسْبَابِ الكوْنِيَّةِ مُقيَّدِيْنَ. فإذا مَاتوْا انْطلقوْا وَتفلتوْا مِنْ تِلك َ الأَسْبَابِ، وَصَارُوْا قادِرِيْنَ عَلى كلِّ شَيْءٍ كرَبِّ الأَرْبَاب!
وَلا يَسْتَغْرِبَنَّ أَحَدٌ هَذَا مِمَّنْ عَافاهُمُ الله ُ تَعَالىَ مِنَ الشِّرْكِ عَلى اخْتِلافِ أَنْوَاعِهِ، فإنَّ فِي المسْلِمِينَ اليَوْمَ مَنْ يُصَرِّحُ بأَنَّ فِي الكوْن ِ مُتَصَرِّفِينَ مِنَ الأَوْلِيَاءِ دُوْنَ اللهِ تَعَالىَ! مِمَّنْ يُسَمُّوْنَهُمْ هُنَا فِي الشّامِ ب «المدَّرِّكِينَ» وَب «الأَقطابِ» وَغيرِهِمْ. وَفِيْهمْ مَنْ يَقوْلُ: «نَظرَة ٌ مِنَ الشَّيْخِ تَقلِبُ الشَّقِيَّ سَعِيْدًا»! وَنَحْوِهِ مِنَ الشِّرْكِيّات) اه.

<<  <   >  >>