وَقدْ جَاءَ حَدِيْثُ ابْن ِ عَبّاس ٍ هَذَا مِنْ طرِيْق ِ أُخْرَى: فرَوَاهُ الفاكِهيُّ في «أَخْبَارِ مَكة» (٤/ ٢٦٨) (٢٦٠٠) قالَ: حَدَّثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَنْصُوْرٍ عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ سَالِمٍ عَن ِ ابْن ِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطاءٍ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ: (قبْرُ آدَمَ عَليْهِ السَّلامُ بمَكة َ، أَوْ في مَسْجِدِ الخيْفِ، وَقبْرُ حَوّاءَ بجُدَّة).
وَهَذَا وَإنْ لمْ يَكنْ حُجَّة ً وَلوْ صَحَّ، لالترَدُّدِ وَالشَّك ِّ في مَوْضِعِ القبْرِ بَيْنَ مَسْجِدِ الخيْفِ وَبَيْنَ مَكة َ: إلا َّ أَنهُ كذَلِك َ ضَعِيْفٌ، وَفي سَنَدِهِ عِلتان ِ:
إحْدَاهُمَا: عَنْعَنَة ُ ابْن ِجُرَيْجٍ، وَهُوَ ثِقة ٌ غيْرَ أَنهُ مُدَلسٌ مُكثِرٌ مِنْهُ، وَقدْ عَنْعَن.
وَالثّانِيَة ُ: سَعِيْدُ بْنُ سَالِمٍ، لهُ أَوْهَام.
وَهَذِهِ العِللُ مِنْ حَيْثُ الإسْنَادُ، وَإلا َّ فإنَّ مَتْنَهُ مُنْكرٌ، يُظهرُ نكارَتهُ الوَجْهُ الأَوَّلُ، وَالثّانِي، وَالثالِثُ، وَالرّابعُ المتقدِّمة ُ في الفصْل ِ السّابق (ص١٣٤ - ١٣٦).
يُضَافُ لها وَجْهَان ِ آخَرَان ِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ في لفظِهِ في مَتنِهِ الثّانِي ترَدُّدًا وَعَدَمَ جَزْمٍ بَيْنَ مَكة َ وَمَسْجِدِ الخيْفِ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلى اضْطِرَابٍ وَعَدَمِ ضَبْطٍ، فيسْقط ُ الاحْتِجَاجُ به.
الثانِي: أَنَّ هَذَا أَمْرٌ غيْرُ مَشْهُوْرٍ عِنْدَ أَهْل ِ العِلمِ، فإنهُمْ- مَعَ تَسَاهُل ِ بَعْضِهمْ - لمْ يَذْكرُوْا أَنَّ آدَمَ - عَليْهِ السَّلامُ - دُفِنَ في مَسْجِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute