للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فزَعَمُوْا أَنهُمَا: إخْبَارَان ِ مِنَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبشارَاتان ِ عَلى خُلوِّ جَزِيْرَةِ العَرَبِ مِنْ دِيْن ٍ ثان ٍ يَكوْنُ فِيْهَا! وَإخْبَارَان ِ كذَلِك َ بسَلامَتِهَا مِنَ الشِّرْكِ وَالكفر!

قالوْا: فدَلَّ ذلِك َ عَلى أَنَّ مَا يَفعَلوْنهُ عِنْدَ القبوْرِ وَالأَضْرِحَةِ وَالمشَاهِدِ، مِنْ دُعَاءٍ وَاسْتِغاثةٍ وَذبْحٍ وَغيْرِهِ: ليْسَ بشِرْكٍ وَلا كفرٍ، وَإلا َّ لكانتْ تِلك َ الأَفعَالُ مُخالِفة ً لخبرِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبشارَتِه!

وَجَوَابُ هَذِهِ الإيْرَادَاتِ البَارِدَاتِ السّاقِطاتِ، مِنْ وُجُوْهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا تَحْرِيْفٌ لِلكلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ، وَصَرْفٌ لهُ عَنْ حَقيْقتِه.

وَمُرَادُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قوْلِهِ «لا يَجْتَمِعُ في جَزِيْرَةِ العَرَبِ دِيْنَان» - كمَا هُوَ عِنْدَ أَهْل ِ العِلمِ الرَّبانِييْنَ، لا عُبّادِ القبوْرِ مِنَ المشْرِكِيْنَ -: أَمْرٌ بوُجُوْبِ خُلوِّ الجزِيْرَةِ مِنْ دِيْن ٍ ثان ٍ غيْرَ الإسْلامِ، لا خبرٌ وَبشارَة ٌ بخلوِّهَا!

وَقدْ دَلَّ عَلى هَذَا المعْنَى أَحَادِيْثُ كثِيْرَة ٌ، مِنْهَا:

* حَدِيْثُ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا قالتْ: (كانَ آخِرُ مَا عَهدَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قالَ: «لا يُتْرَك ُ بجَزِيْرَةِ العَرَبِ دِيْنَان» رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِه» (٦/ ٢٧٥).

وَهَذَا مَا فهمَهُ الصَّحَابة ُ وَأَئِمَّة ُ الإسْلامِ: فرَوَى ابْنُ زَنْجُوْيه في «الأَمْوَال ِ» (١/ ٢٧٦) (٤١٧) قالَ: (أَخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبيْدٍ حَدَّثنَا عُبَيْدُ اللهِ

<<  <   >  >>