للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضُّرِّ عَنكُمْ وَلا تَحْوِيلاً (٥٦) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً}.

فبيَّنَ سُبْحَانهُ: أَنَّ أُوْلئِك َ المدْعُوِّينَ هُمْ مِنْ عِبَادِهِ الصّالحِينَ المحْتَاجِينَ إليْهِ، لا يَمْلِكوْنَ لأَنفسِهمْ نفعًا وَلا ضَرًّا.

وَإنمَا يبْتَغوْنَ إلىَ رَبِّهمُ الوَسِيْلة َباِلأَعْمَال ِ الصّالحِةِ، عَسَى أَنْ ينالوْا بهَا رَحْمَتَهُ، وَأَنْ يَنْجُوْا بهَا مِنْ عَذَابهِ، فكيْفَ يُدْعَوْنَ مِنْ دُوْنِهِ! وَكأَنهُمْ يَمْلِكوْنَ مِنَ الأَمْرِ شَيْئًا؟!

وَقدْ قالَ سُبْحَانهُ لِنبيِّهِ وَخَلِيْلِهِ وَصَفوَتِهِ مِنْ خَلقِهِ، وَأَفضَل ِ عِبَادِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {لَيْسَ لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} فكيْفَ بمَنْ دُوْنه؟!

وَقالَ سُبْحَانهُ لِنبيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمّا أَلحَّ وَاجْتَهَدَ فِي هِدَايةِ عَمِّهِ أَبي طالِبٍ، وَعَظمَ عَليْهِ مَوْتهُ دُوْنَ تَوْحِيْدٍ وَلا شَهَادَةٍ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.

فهَذَا حَالُ سَيِّدِ وَلدِ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكرَمِ نبيٍّ عِنْدَ اللهِ، وَأَحَبِّهمْ إليْهِ، وَأَعْظمِهمْ مَنْزِلة ً عِنْدَهُ، وَأَقرَبهمْ مَكانا مِنْهُ، فكيْفَ بمَنْ دُوْنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! وَهَذَا حَالهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَنْ رَغِبَ هُوَ فِي هِدَايتِهِ، وَأَلحَّ فِي طلبهَا لهُ فِي حَيَاتِهِ، فكيْفَ بمَنْ يَتَوَسَّلُ إليْهِ وَيَدْعُوْهُ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِه؟!

<<  <   >  >>