للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكأَنَّ المخالِفَ لهمْ مِنَ الموَحِّدِيْنَ ينازِعُ في اسْتِطاعَةِ اللهِ وَقدْرَتهِ أَنْ يَهَبَ أَحَدًا مِنْ أُوْلئِك َ الأَمْوَاتِ قدْرَة ً عَلى إغاثةِ أَهْل ِ الكرُوْبِ، وَكشْفِ الكرْبِ عَن ِ المكرُوْب!

وَلوْ كانَ دَلِيْلُ جَوَازِ دُعَائِهمُ الأَمْوَاتَ وَالاسْتِغاثةِ بهمْ: قدْرَة َ اللهِ عَلى مَنْحِ أُوْلئِك َ الأَمْوَاتِ قدْرَة ً لإغاثةِ الملهُوْفِيْنَ وَالمضْطرِّينَ: لكانَ ذلِك َ أَيضًا دَلِيْلا ً عَلى صِحَّةِ أَفعَال ِ المشْرِكِيْنَ المتقدِّمِيْنَ، مِنْ عُبّادِ اللاتِ وَمَنَاةِ وَالعُزَّى وَغيْرِهَا، لِقدْرَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، عَلى مَنْحِ تِلك َ الأَصْنَامِ قدْرَة ً عَلى إغاثةِ المسْتَغِيثِيْنَ بهَا! وَإلا َّ لكانَ مُنْكِرًا لِقدْرَةِ اللهِ وَاسْتِطاعَتِه!

أَمّا كوْنُ مُشْرِكِي الجاهِلِيَّةِ الأُوْلىَ أَصَحَّ اعْتِقادًا مِنْ هَذَا المتكلمِ وَكثِيْرٍ مِنْ مُشْرِكِي زَمَانِنَا: فلِكوْن ِ شِرْكِ هَؤُلاءِ المتأَخِّرِيْنَ مُطرِدًا مَعَهُمْ في جَمِيْعِ أَحْوَالِهمْ، رَخاءًا وَشِدَّة.

أَمّا أُوْلئِك َ المتقدِّمُوْنَ: فكانوْا مُشْرِكِيْنَ، إلا َّ في شَدَائِدِهِمْ فيُخْلِصُوْنَ الدُّعَاءَ للهِ وَحْدَهُ، كمَا في حَدِيْثِ عِمْرَان ِ بْن ِ حُصَيْن ِ بْن ِ عُبيْدٍ الخزَاعِيِّ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ لأَبيْهِ - وَكانَ جَاهِلِيًّا مُشْرِكا-: «يَا حُصَيْنُ كمْ تعْبُدُ اليوْمَ إلها؟».

فقالَ حُصَيْنٌ: «سَبْعَة ً، سِتَّة ً في الأَرْض ِ، وَوَاحِدًا في السَّمَاء».

فقالَ لهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فأَيهُمْ تعِدُّ لِرَغبتِك َ وَرَهْبتِك؟».

<<  <   >  >>