للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقالَ غيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلفِ: «كانَ هَؤُلاءِ قوْمًا صَالِحِيْنَ فِي قوْمِ نوْحٍ عَليْهِ السَّلامُ، فلمّا مَاتوْا: عَكفوْا عَلى قبورِهِمْ، ثمَّ صَوَّرُوْا تمَاثِيْلهُمْ، ثمَّ طالَ عَليْهمُ الأَمدُ فعَبَدُوْهُمْ».

فهَؤُلاءِ جَمَعُوْا بَيْنَ الفِتْنَتَيْن ِ: فِتْنَةِ القبوْرِ، وَفِتْنَةِ التَّمَاثِيْل ِ، وَهُمَا الفِتْنَتَان ِ اللتان ِأَشارَ إليْهمَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الحدِيْثِ المتَّفق ِ عَلى صِحَّتِهِ عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا: أَنَّ أُمَّ سَلمَة َ رَضِيَ الله ُعَنْهَا ذكرَتْ لِرَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كنِيْسَة ً رَأَتهَا بأَرْض ِ الحبشةِ يُقالُ لها «مَارِيََةَ»، فذَكرَتْ لهُ مَا رَأَتْ فِيْهَا مِنَ الصُّوَر.

فقالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُوْلئِكَِ قوْمٌ إذا مَاتَ فِيْهمُ العَبْدُ الصّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصّالِحُ: بنوْا عَلى قبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوْا فِيْهِ تِلك َ الصُّوَرَ، أُوْلئِكَِ شِرَارُ الخلق ِ عِنْدَ اللهِ تعَالىَ».

وَفِي لفظٍ آخَرَ فِي «الصَّحِيْحَيْن»: «أَنَّ أُمَّ حَبيْبَة َ وَأُمَّ سَلمَة َ ذكرَتا كنيْسَة ً رَأَينهَا».

فجَمَعَ فِي هَذَا الحدِيْثِ، بَيْنَ التَّمَاثِيل ِ وَالقبوْرِ، وَهَذَا كانَ سَبَبَ عِبَادَةِ اللاتِ ... فقدْ رَأَيْتَ أَنَّ سَبَبَ عِبَادَةِ وَدٍّ وَيَغوْثَ وَيَعُوْقَ وَنسْرٍ وَاللاتِ، إنمَا كانتْ مِنْ تَعْظِيْمِ قبوْرِهِمْ، ثمَّ اتخذُوْا لهَا التَّمَاثِيْلَ وَعَبَدُوْهَا، كمَا أَشَارَ إليْهِ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) اه.

وَقالَ العَلامَة ُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ القادِرِ الأَقحِصَارِيُّ الحنَفِيُّ، المعْرُوْفُ باِلرُّوْمِيِّ (ت١٠٤١هـ) في كِتَابهِ الكبيْرِ «مَجَالِس ِالأَبْرَار،

<<  <   >  >>