للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذنْ مَن ِ اعْتَقدَ أَنَّ السَّفرَ لِزِيَارَةِ قبوْرِ الأَنبياءِ وَالصّالِحِينَ قرْبة ٌ، وَعِبَادَة ٌ، وَطاعَة ٌ: فقدْ خَالفَ الإجْمَاع.

وَإِذا سَافرَ لاعْتِقادِ أَنَّ ذلِك َ طاعَة ٌ: كانَ ذلك مُحَرَّمًا بإجْمَاعِ المسْلِمِين.

فصَارَ التَّحْرِيْمُ مِنْ جهةِ اتخاذِهِ قرْبة ً، وَمَعْلومٌ أَنَّ أَحَدًا لا يُسَافِرُ إليْهَا إلا َّ لِذَلِك.

وَأَمّا إذا نذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يُسَافِرَ إليْهَا لِغرَض ٍ مُبَاحٍ: فهَذَا جَائِزٌ، وَليْسَ مِنْ هَذَا الباب.

الوَجْهُ الثانِي: أَنَّ هَذَا الحدِيْثَ يَقتضِي النَّهْيَ، وَالنَّهْيُ يَقتضِي التَّحْرِيْم.

وَمَا ذكرُوْهُ مِنَ الأَحَادِيْثِ فِي زِيارَةِ قبْرِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فكلهَا ضَعِيْفة ٌ، باِتفاق ِ أَهْل ِ العِلمِ باِلأَحَادِيْث.

بَلْ هِيَ مَوْضُوْعَة ٌ، لمْ يَرْوِ أَحَدٌ مِنْ أَهْل ِ السُّنَن ِ المعْتَمَدَةِ شَيْئًا مِنْهَا، وَلمْ يَحْتَجَّ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ بشَيْءٍ مِنْهَا.

بَلْ مَالِك ٌ- إمَامُ أَهْل ِ المدِيْنَةِ النبَوِيةِ، الذِيْنَ هُمْ أَعْلمُ النّاس ِ بحُكمِ هَذِهِ المسْأَلةِ -: كرِهَ أَنْ يَقوْلَ الرَّجُلُ: «زُرْتُ قبْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وَلوْ كانَ هَذَا اللفظ ُ مَعْرُوْفا عِنْدَهُمْ، أَوْ مَشْرُوْعًا، أَوْ مَأْثوْرًا عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لمْ يَكرَهْهُ عَالِمُ أَهْل ِ المدِينة.

وَالإمَامُ أَحْمَدُ أَعْلمُ النّاس ِ فِي زَمَانِهِ باِلسُّنَّةِ: لمَّا سُئِلَ عَنْ ذلِك َ، لمْ يَكنْ عِنْدَهُ مَا يَعْتَمِدُ عَليْهِ فِي ذلِك َ مِنَ الأَحَادِيْثِ إلا َّ حَدِيْثُ أَبي هُرَيرَة َ

<<  <   >  >>