للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكثيراً ما تنشب الحرب بين هذه الأمم السابقة إلى السيادة والتملك وبين الأمم المتطلعة لها الطامحة إليها، ولكن هذه الحرب لا يصح قياسها على حرب تشهر لردع الظالم والانتصار للمظلوم وإقامة القسط عملاً بقول الله عز وجل: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الحجرات) ، ولكن هذه الحرب حرب شح ومنافسة، وحرب غيرة وحسد، ما كانت جمعية الأمم (الفقيدة) التي كانت هذه الحروب تشهر تحت إشرافها، ولا خليفتها الأمم المتحدة)) إلا كما قال الأمير شكيب أرسلان: ((مثل العروض بحراً بلا ماء، ما وجدت إلا لتلبس الاعتداء حلة قانونية، وتسوغ الفتوحات بتغيير الأسماء، لا يطيعها سوى ضعيف عاجز، ولا تستطيع أن تحكم على قوي متجاوز)) أو في لفظ فقيد الإسلام الدكتور محمد إقبال: ((جمعية لصوص ونباشين تألفت لتقسيم الأكفان)) .

قال الأستاذ (جود) الإنجليزي:

((إن حرباً تشهر تحت إشراف عصبة الأمم ليست للعدل بين الأمم يقوم بها شرطة العالم للأخذ على يد الظالم وعقاب المعتدي، ليست هذه الحرب إلا كفاحاً بين الطوائف المتنافسة في القوة. الواحدة منها حريصة على المحافظة على القسط الأكبر من ثروة العالم ومواردها، والأخرى متهالكة على تحصيلها، إن مثل هذه الحروب لا تختلف عن حروب نشبت بين الطوائف المتنافسة في الماضي، ولا عن حروب النمسا وبروسيا (١) ، وعن حروب السنوات

السبع (٢) وعن حروب نابليون؛ وعن حرب ١٩١٤ - ١٩١٨. لا تختلف هذه الحرب عن هذه الحروب كلها إلا في الاسم.


(١) حرب منافسة وطمع اشتركت فيها فرنسا واسبانيا وإنجلترا وهولندة لتناول غنائم انتقصت فيها أطراف النمسا وممتلكاتها ونشبت على أثر وفاة فريدريك ملك النمسا وجلوس ابنته ماريا تيريزا على العرش بوصيته ورضا الدول سنة ١٧٤٠ وانتهت سنة ١٧٤٨.
(٢) حروب اشتركت فيها فرنسا وروسيا وسويدن وأكثر إمارات الدول الألمانية وبروسيا وانجلترا حماية لبعضها، واعتداء على بعضها ابتدأت سنة ١٧٥٦ وانتهت سنة ١٧٦٣.

<<  <   >  >>