فتكلم رئيس المجلس (أبليس) وقال: إني أملك زمام العالم وأتصرف به كيف أشاء، وسيرى العالم عجباً إذا حرشت بين الأمم الأوربية فتهارشت تهارش الكلاب، وافترس بعضها بعضاً فعل الذئاب، وإذا همست في آذان القادة السياسيين وأساقف الكنائس الروحانيين فقدوا رشدهم وجن جنونهم.
أما ما ذكرتم عن الاشتراكية فكونوا على ثقة أن الخرق الذي أحدثته الفطر بين الإنسان والإنسان لايرفؤه المنطق المزدكي (الفلسفة الاشتراكية) لا يخوفني هؤلاء الاشتراكيون الطرداء والصعاليك السفهاء.
إن كنت خائفاً فإني أخاف أمة لا تزال شرارة الحياة والطموح كامنة في رمادها ,ولا يزال فيها رجال تتجافى جنوبهم عن المضاجع وتسيل دموعهم على خدودهم سحراً، لا يخفى على الخبير المتفرس أن الإسلام هو فتنة الغد وداهية المستقبل، ليست الاشتراكية.
أنا لا أجهل أن هذه الأمة قد اتخذت القرآن مهجوراً، وأنها فتنت بالمال وشغفت بجمعه وادخاره كغيرها من الأمم، أنا خبير أن ليل الشرق داج مكفهر، وأن علماء الإسلام وشيوخه ليست عندهم تلك اليد البيضاء التي تشرق لها الظلمات ويضيء لها العالم، ولكن
أخاف أن قوارع هذا العصر وهزته ستقض مضجعها وتوقظ هذه الأمة وتوجهه إلى شريعة (محمد صلى الله عليه وسلم) أنى أحذركم وأنذركم من دين (محمد صلى الله عليه وسلم) حامي الذمار، حارس الذمم والأعراض، دين الكرامة والشرف، دين الأمانة والعفاف، دين المروءة والبطولة، دين الكفاح والجهاد، يلغي كل نوع من أنواع الرق، ويمحو كل أثر من آثار استعباد الإنسان، لا يفرق بين مالك ومملوك، ولا يؤثر سلطاناً على صعلوك، يزكي المال من كل دنس ورجس ويجعله نقياً صافياً، ويجعل أصحاب الثروة والملاك متسخلفين في أموالهم (١) أمناء لله وكلاء على المال. وأي ثورة أعظم وأي انقلاب أشد خطراً مما أحدثه هذا الدين في عالم الفكر والعمل يوم صرخ أن الأرض لله لا للملوك والسلاطين.
فابذلوا جهدكم أن يظل هذا الدين متوارياً عن أعين الناس، وليهنكم أن