للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المسلم بنفسه هو ضعيف الثقة بربه قليل الإيمان بدينه، فخير لنا أن يبقى مشتغلاً بمسائل علم الكلام والإلهيات وتأويل كتاب الله والآيات، اضربوا على آذان المسلم فإنه يستطيع أن يكسر طلاسم العالم ويبطل سحرنا بأذانه وتكبيره، واجتهدوا أن يطول ليله ويبطئ سحره، اشتغلوا يا إخواني عن الجد والعمل حتى يخسر الرهان في العالم. خير لنا أن يبقى المسلم عبداً لغيره، ويهجر هذا العالم ويعتزله ويتنازل عنه لغيره زاهداً فيه، واستخفافاً لخطره، يا ويلتنا ويا شقوتنا لو انتبهت هذه الأمة التي يعزم عليها دينها أن تراقب العالم وتعسّه.

رسالة العالم الإسلامي:

لا ينهض العالم الإسلامي إلا برسالته التي وكلها إليه مؤسسه صلى الله عليه وسلم والإيمان بها والاستماتة في سبيلها، وهي رسالة قوية واضحة مشرقة، لم يعرف العالم رسالة أعدل منها ولا أفضل ولا أيمن للبشرية منها.

وهي الرسالة نفسها التي حملها المسلمون في فتوحهم الأولى، والتي لخصها أحد رسلهم في مجلس يزدجرد ملك إيران بقوله: ((الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام)) رسالة لا

تحتاج إلى تغيير كلمة وزيادة حرف، فهي منطبقة تمام الانطباق على القرن العشرين انطباقها على القرن السادس المسيحي، كأن الزمان قد استدار كهيئته يوم خرج المسلمون من جزيرتهم لإنقاذ العالم من براثن الوثنية والجاهلية.

فلا يزال الناس اليوم عاكفين على أصنام لهم - من أوثان منحوتة ومنجورة ومقبورة ومنصوبة - ولا تزال عبادة الله وحده مغلوبة غريبة، ولا تزال الفتنة قائمة على قدم وساق، ولا يزال إله الهوى يعبد، ولا يزال الأحبار والرهبان والملوك والسلاطين وأصحاب القوة والثروة والزعماء والأحزاب السياسية أرباباً من دون الله تقرب لها القرابين وينصب لها الجبين.

وكذلك العالم اليوم رغم اتساعه وتوفر وسائل السفر والانتقال من مكان إلى مكان، واتصال الشعوب والأمم بعضها ببعض أضيق بأهله منه بالأمس، قد ضيقته المادية التي لا تنظر إلا إلى قدمها ولا تؤمن إلا بفائدة صاحبها، ولا تعرف غير العكوف على الشهوات وعبادة الذات، وقد خنقته الأثرة التي لا تسمح لاثنين

<<  <   >  >>