قيامتهم، وسوف يهرعون للدفاع عن الإسلام وحماية بلادهم المقدسة، ويغضبون لله ورسوله وحُرماته، وإن الأقطار الإسلامية تشتعل ناراً وتتوقد حمية وحماسة، فإذا الحادث لم يؤثر في العالم الإسلامي التأثير المنتظر، وإذا النظر ضئيل والسخط خافت، وإذا العالم الإسلامي كعادته - في غدواته وروحاته - منهمك في لذاته وشهواته، كأن لم يحدث كبير شيء، فعرف أن الحملة الدينية قد ضعفت في العالم الإسلامي، وأن شعلة الجهاد قد انطفأت أو كادت، وهنالك عرف الناس ضعف العالم الإسلامي وخذلانه وهوأنه على أنفسهم.
فالمهم الأهم لقادة العالم الإسلامي، وجمعياته وهيئاته الدينية وللدول الإسلامية غرس الإيمان في قلوب المسلمين وإشعال العاطفة الدينية، ونشر الدعوة إلى الله ورسوله، والإيمان بالآخرة على منهاج الدعوة الإسلامية الأولى، لا تدخر في ذلك وسعاً، وتستخدم لذلك جميع الوسائل القديمة والحديثة. وطرق النشر والتعليم، كتجوال الدعاة في القرى والمدن. وتنظيم الخطب والدروس، ونشر الكتب والمقالات، ومدارسة كتب السيرة، وأخبار
الصحابة، وكتب المغازي والفتوح الإسلامية، وأخبار أبطال الإسلام وشهدائه، ومذاكرة أبواب الجهاد، وفضائل الشهداء، وتستخدم لذلك الراديو والصحافة وكتب الأدب، وجميع القوى والوسائل العصرية.
والقرآن وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم قوتان عظيمتان تستطيعان أن تشعلا في العالم الإسلامي نار الحماسة والإيمان، وتحدثا في كل وقت ثورة عظيمة على العصر الجاهلي، وتجعلا من أمة مستسلمة، منخذلة ناعسة، أمة فتية متلهبة حماسة وغيرة وحنقاً على الجاهلية وسخطاً على النظم الجائرة.
أن علة العالم الإسلامي هو الرضا بالحياة الدنيا والاطمئنان بها، والارتياح إلى الأوضاع الفاسدة والهدوء الزائد في الحياة، فلا يقلقه فساد، ولا يزعجه انحراف، ولا يهيجه منكر، ولا يهمه غير مسائل الطعام واللباس، ولكن بتأثير القرآن والسيرة النبوية - إن وجدا إلى القلب سبيلا - يحدث صراع بين الإيمان والنفاق، واليقين والشك، بين المنافع العاجلة والدار الآخرة، وبين راحة الجسم ونعيم القلب، وبين حياة البطالة وموت الشهادة، وصراع أحدثه كلا نبي في وقته، ولا يصلح العالم به؛ حينئذ يقوم في كل ناحية من نواحي العالم الإسلامي، بل في كل أسرة إسلامية في كل بلد إسلامي {فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ