الشهوات الطارئة، وهذا ما تعانيه البشرية اليوم في حالة الارتقاء الأولى، كما كانت تعانيه من قبل في أيام البربرية الأولى.
فرسالة العالم الإسلامي هي الدعوة إلى الله ورسوله والإيمان باليوم الآخر. وجائزته هي الخروج من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الناس إلى عبادة الله وحده والخروج من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. وقد ظهر فضل هذه الرسالة. وسهل فهمها في هذا العصر أكثر من كل عصر، فقد افتضحت الجاهلية، وبدت سوأتها للناس، واشتد تذمر الناس منها، فهذا طور انتقال العالم من قيادة الجاهلية إلى قيادة الإسلام، لو نهض العالم الإسلامي، واحتضن هذه الرسالة بكل إخلاص وحماس وعزيمة، ودان بها ((كالرسالة الوحيدة التي تستطيع أن تنقذ العالم من الانهيار والانحلال)) ، كما يقول المؤلف الفاضل قرب نهاية الكتاب.
وأخيراً، فإن الخصيصة البارزة في هذا الكتاب كله هي الفهم العميق لكليات الروح الإسلامية في محيطها الشامل وهو لهذا لا يعد نموذجاً للبحث الديني والاجتماعي فحسب، بل نموذجاً للتاريخ كما ينبغي أن يكتب من الزاوية الإسلامية.
لقد مضى الأوربيون يؤرخون للعالم كله من زاوية النظر الغربية، متأثرين بثقافاتهم المادية، وفلسفتهم المادية، ومتأثرين كذلك بالعصبية الغربية والعصبية الدينية - شعروا بذلك أم لم يشعروا ومن ثمَّ وقعت في تاريخهم أخطاء وانحرافات، نتيجة إغفالهم لقيم كثيرة في هذه الحياة لا يستقيم تاريخ الحياة ولا يصح تفسير الحوادث والنتائج بدونها، ونتيجة عصبيتهم التي تجعل أوروبا في نظرهم هي محور العالم ومركزه دائماً، ولإغفالهم العوامل الأخرى التي أثرت في تاريخ البشرية، أو التهوين من شأنها إذا لم يكن مصدرها هو أوروبا.
ولقد درجنا نحن على أن نتلقف التاريخ من أيدي أوربا كما نتلقف كل شيء آخر نتلقفه بأخطائه تلك، وهي أخطاء في المنهج بإغفال قيم كثيرة وعوامل كثيرة، وأخطاء في التصوير نتيجة النظر من زاوية واحدة للحياة البشرية، وأخطاء في النتائج